وذا زائدة أجازه جماعة منهم ابن مالك قوله أنزل على صيغة المجهول وفي رواية الكشميهني أنزل الله والإنزال في اللغة إما بمعنى الإيواء كما يقال أنزل الجيش بالبلد ونزل الأمير بالقصر وإما بمعنى تحريك الشيء من علو إلى سفل كقوله تعالى وأنزلنا من السماء ماء ( المؤمنون 18 الفرقان 48 لقمان 10 ) وهذان المعنيان لا يتحققان في أنزل الله فهو مستعمل في معنى مجازي بمعنى أعلم الله الملائكة بالأمر المقدر وكذلك المعنى في أنزل الله القرآن فمن قال إن القرآن معنى قائم بذات الله تعالى فإنزاله أن يوجد الكلمات والحروف الدالة على ذلك المعنى ويثبتها في اللوح المحفوظ ومن قال القرآن هو الألفاظ فإنزاله مجرد إثباته في اللوح المحفوظ لأن الإنزال إنما يكون بعد الوجود والمراد بإنزال الكتب السماوية أن يتلقاها الملك من الله تلقيا روحانيا أو يحفظها من اللوح المحفوظ وينزل بها فيلقيها على الأنبياءعليهم الصلاة والسلام وكأن النبي E أوحي إليه في يومه ذلك بما سيقع بعده من الفتن فعبر عنه بالإنزال قوله الليلة بالنصب على الظرفية قوله وما فتح من الخزائن الكلام فيه من جهة الإعراب مثل الكلام فيما أنزل وعبر عن الرحمة بالخزائن كقوله خزائن رحمة ربي وعن العذاب بالفتن لأنها أسباب مؤدية إلى العقاب وقال المهلب فيه دليل على أن الفتن تكون في المال وفي غيره لقوله ماذا أنزل من الفتن وماذا فتح من الخزائن وقال الداودي قوله ماذا أنزل الليلة من الفتن وهو ما فتح من الخزائن قال وقد يعطف الشيء على نفسه تأكيدا لأن ما يفتح من الخزائن يكون سببا للفتنة واحتج الأول بقول حذيفة Bه فتنة الرجل في أهله وماله يكفرها الصلاة والصدقة قلت المعنى أنه E رأى في تلك الليلة المنام وفيه أنه سيقع بعده فتن وأنه يفتح لأمته الخزائن وعرف عند الاستيقاظ حقيقته إما بالتعبير أو بالوحي إليه في اليقظة قبل النوم أو بعده وقد وقعت الفتن كما هو المشهور وفتحت الخزائن حيث تسلطت الصحابة Bهم على فارس والروم وغيرهما وهذا من المعجزات حيث أخبر بأمر قبل وقوعه فوقع مثل ما أخبر قوله أيقظوا بفتح الهمزة لأنه أمر من الإيقاظ بكسر الهمزة قوله صواحب الحجر كلام إضافي مفعوله وأراد بها زوجاته E وهو جمع صاحبة والحجر بضم الحاء المهملة وفتح الجيم جمع حجرة وأراد بها منازل زوجاته وإنما خصهن بالإيقاظ لأنهن الحاضرات حينئذ أخبرت بذلك أم سلمة Bها كانت تلك الليلة ليلتها وهو الظاهر وقال الكرماني يجوز أيقظوا بكسر الهمزة أي انتبهوا أو الصواحب منادى لو صحت الرواية به قلت هذا ممنوع من وجهين أحدهما من جهة الرواية حيث لم يروونه هكذا والآخر من جهة اللفظ وهو أنه لو كان كذلك كان يقال أيقظن لأن الخطاب للنساء قوله فرب كاسية أصل رب للتقليل وقد تستعمل للتكثير كما في رب ههنا والتحقيق فيه أنه ليس معناه التقليل دائما خلافا للأكثرين ولا التكثير دائما خلافا لابن درستويه وجماعة بل ترد للتكثير كثيرا وللتقليل قليلا فمن الأول ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين ( الحجر 2 ) ورب كاسية في الدنيا عارية يوم القيامة ومن الثاني قول الشاعر .
( ألا رب مولود وليس له أب ) .
وفيها لغات قد ذكرناها مرة وفعلها الذي تتعلق هي به ينبغي أن يكون ماضيا ويحذف غالبا والتقدير رب كاسية عارية عرفتها والمراد إما اللاتي تلبس رقيق الثياب التي لا تمنع من إدراك البشرة معاقبات في الآخرة بفضيحة التعري وإما اللابسات للثياب الرقيقة النفيسة عاريات من الحسنات في الآخرة فندبهن على الصدقة وحضهن على ترك السرف في الدنيا يأخذن منها أقل الكفاية ويتصدقن بما سوى ذلك وهذه البلوى عامة في هذا الزمان لا سيما في نساء مصر فإن الواحدة منهن تتغالى في ثمن قميص إما من عندها أو بتكليفها زوجها حتى تفصل قميصا بأكمام هائلة وذيل سابلة جدا منجرة وراءها أكثر من ذراعين وكل كم من كميها يصلح أن يكون قميصا معتدلا ومع هذا إذا مشت يرى منها أكثر بدنها من نفس كمها فلا شك أنهن ممن يدخلن في هذا الحديث وهو من جملة معجزات النبي E حيث أخبر بذلك قبل وقوعه لما علم باطلاع الله تعالى إياه أن مثل هذا سيقع في أمته من فتح الخزائن وكثرة الأموال المؤدية إلى مثل هذه الجريمة وغيرها ولكن لما أمر النبي E بإيقاظ نسائه خص تذكيره ووعظه لهن بهذا الوصف تحذيرا لهن عن مباشرة الإسراف المنهي عنه ولأنه من الأمور المؤدية إلى فساد عظيم على ما لا يخفى وقال الطيبي رب كاسية كالبيان لموجب استيقاظ الأرواح أي لا ينبغي لهن أن يتغافلن ويعتمدن على كونهن أهالي رسول الله E أي رب كاسية حلى الزوجية