ابن زهرة بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي الزهري المدني سكن الشام وهو تابعي صغير سمع أنسا وربيعة بن عباد وخلقا من الصحابة ورأى ابن عمر وروى عنه ويقال سمع منه حديثين وعنه جماعات من كبار التابعين منهم عطاء وعمر بن عبد العزيز ومن صغارهم ومن الأتباع أيضا مات بالشام وأوصى بأن يدفن على الطريق بقرية يقال لها شغب وبدا في رمضان سنة أربع وعشرين ومائة وهو ابن اثنين وسبعين سنة قلت شغب بفتح الشين وسكون الغين المعجمتين وفي آخره باء موحدة وبدا بفتح الباء الموحدة الخامس عروة بن الزبير بن العوام السادس عائشة أم المؤمنين وقد مر ذكرهما .
( بيان لطائف إسناده ) منها أن هذا الإسناد على شرط الستة إلا يحيى فعلى شرط البخاري ومسلم ومنها أن رجاله ما بين مصري ومدني ومنها أن فيه رواية تابعي عن تابعي وهما الزهري وعروة .
( بيان تعدد الحديث ومن أخرجه غيره ) هذا الحديث أخرجه البخاري أيضا في التفسير والتعبير عن عبد الله بن محمد عن عبد الرزاق عن معمر وفي التفسير عن سعيد بن مروان عن محمد بن عبد العزيز بن أبي رزمة عن أبي صالح سلمويه عن ابن المبارك عن يونس وفي الإيمان عن أبي رافع عن عبد الرزاق عن معمر عن عبد الملك عن أبيه عن جده عن عقيل وعن أبي الطاهر عن أبي وهب عن يونس كلهم عن الزهري وأخرجه مسلم في الإيمان والترمذي والنسائي في التفسير .
( بيان اللغات ) قوله أول ما بدىء به قد ذكر بعضهم أول الشيء في باب أول وبعضهم في باب وأل وذكره الصغاني في هذا الباب وقال الأول نقيض الآخر وأصله أوأل على وزن أفعل مهموز الوسط قلبت الهمزة واوا وأدغمت الواو في الواو ويدل على هذا قولهم هذا أول منك والجمع الأوائل والأوالىء على القلب وقال قوم أصله وول على وزن فوعل فقلبت الواو الأولى همزة وإنما لم يجمع على أواول لاستثقالهم اجتماع واوين بينهما ألف الجمع وهو إذا جعلته صفة لم تصرفه تقول لقيته عاما أول وإذا لم تجعله صفة صرفته تقول لقيته عاما أولا قال ابن السكيت ولا تقل عام الأول وقال أبو زيد يقال لقيته عام الأول ويوم الأول بجر آخره وهو كقولك أتيت مسجد الجامع وقال الأزهري هذا من باب إضافة الشيء إلى نعته قوله بدىء به من بدأت بالشيء بدأ ابتدأت به وبدأت الشيء فعلته ابتداء وبدأ الله الخلق وأبدأهم بمعنى قوله من الوحي قد مر تفسير الوحي مستوفي قوله الرؤيا على وزن فعلى كحبلى يقال رأى رؤيا بلا تنوين وجمعها روى بالتنوين على وزن دعى قوله فلق الصبح بفتح الفاء واللام وهو ضياء الصبح وكذلك فرق الصبح بفتح الفاء والراء وإنما يقال هذا في الشيء البين الواضح ويقال الفرق أبين من فلق الصبح قال ابن عباس Bهما في قوله تعالى ( فالق الاصباح ) ضوء الشمس وضوء القمر بالليل حكاه البخاري في كتاب التعبير ويقال الفلق مصدر كالانفلاق وفي المطالع قال الخليل الفلق الصبح قلت فعلى هذا تكون الإضافة فيه للتخصيص والبيان ويقال الفلق الصبح لكنه لما كان مستعملا في هذا المعنى وفي غيره أضيف إليه إضافة العام إلى الخاص كقولهم عين الشيء ونفسه وفي العباب يقال هو أبين من فلق الصبح ومن فرق الصبح ومنه حديث عائشة Bها أول ما بدىء به رسول الله الرؤيا الصالحة وكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح أي مبينة مثل مجىء الصبح قال الكرماني والصحيح أنه بمعنى المفلوق وهو اسم للصبح فأضيف أحدهما إلى الآخر لاختلاف اللفظين وقد جاء الفلق منفردا عن الصبح قال تعالى ( قل أعوذ برب الفلق ) قلت تنصيصه على الصحيح غير صحيح بل الصحيح أنه إما اسم للصبح وجوزت الإضافة فيه لاختلاف اللفظين وإما مصدر بمعنى الانفلاق وهو الانشقاق من فلقت الشيء أفلقه بالكسر فلقا إذا شققته وأما الفلق في الآية فقد اختلف الأقوال فيه قوله الخلاء بالمد وهو الخلوة يقال خلا الشيء يخلو خلوا وخلوت به خلوة وخلاء والمناسب ههنا أن يفسر الخلاء بمعنى الاختلاء أو بالخلاء الذي هو المكان الذي لا شيء به على ما لا يخفى على من له ذوق من المعاني الدقيقة قوله بغار حراء الغار بالغين المعجمة فسره جميع شراح البخاري بأنه النقب في الجبل وهو قريب من معنى الكهف قلت الغار هو الكهف وفي العباب الغار كالكهف في الجبل ويجمع على غيران ويصغر على غوير فتصغيره يدل على أنه واوي فلذلك ذكره في العباب في فصل غور وحراء بكسر الحاء وتخفيف الراء بالمد وهو مصروف على الصحيح ومنهم من منع صرفه ويذكر على الصحيح أيضا ومنهم من أنثه ومنهم من قصره أيضا فهذه ست لغات قال القاضي