يعاقبان إلا أن يظاهرا على الإسلام فيقتلان وفيه كما قال الطبري إذا ظهر للإمام رجل من أهل الستر أنه قد كاتب عدوا من المشركين ينذره مما أسره المسلمون فيهم من عزم ولم يكن معروفا بالغش للإسلام وأهله وكان ذلك من فعله هفوة وزلة من غير أن يكون لها أخوات يجوز العفو عنه كما فعل رسول الله بحاطب من عفوه عن جرمه بعدما اطلع عليه من فعله وفيه البيان عن بعض أعلام النبوة وذلك إعلام الله تعالى نبيه بخبر المرأة الحاملة كتاب حاطب إلى قريش ومكانها الذي هي به وذلك كله بالوحي وفيه هتك ستر المريب وكشف المرأة العاصية وفيه أن الجاسوس لا يخرجه تجسسه من الإيمان وفيه الحجة لترك إنفاذ الوعيد من الله لمن شاء ذلك لقوله لعل الله اطلع على أهل بدر فقال اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم وفيه جواز غفران ما تأخر من الذنوب قبل وقوعه وفيه جواز تجريد العورة عن السترة عند الحاجة قاله ابن العربي وفيه دلالة على أن حكم المتأول في استباحة المحظور خلاف حكم المتعمد لاستحلاله من غير تأويل قاله ابن الجوزي وفيه أن من أتى محظورا وادعى في ذلك ما يحتمل التأويل كان القول قوله في ذلك وإن كان غالب الظن خلافه .
( باب الكسوة للأسارى ) .
أي هذا باب في بيان ما جاء من الكسوة للأسارى قال ابن التين الكسوة بكسر الكاف وضمها وفي المغرب الكسوة اللباس والضم لغة وجمعه كسى بالضم يقال كسوته إذا ألبسته ثوبا والكاسي خلاف العاري وجمعه كساة كعراة جمع عار والأسارى جميع أسير .
212 - ( حدثنا عبد الله بن محمد قال حدثنا ابن عيينة عن عمرو سمع جابر بن عبد الله Bهما قال لما كان يوم بدر أتي بأسارى وأتي بالعباس ولم يكن عليه ثوب فنظر النبي له قميصا فوجدوا قميص عبد الله بن أبي يقدر عليه فكساه النبي إياه فلذلك نزع النبي قميصه الذي ألبسه قال ابن عيينة كانت له عند النبي يد فأحب أن يكافئه ) .
مطابقته للترجمة تأخذ من قوله فكساه النبي إياه وذلك لأن العباس بن عبد المطلب عم النبي كان في جملة الأسارى يوم بدر وكان عريانا فكساه النبي وحديث جابر هذا قد مضى في أواخر كتاب الجنائز في باب هل يخرج الميت من القبر بأتم من هذا فإنه أخرجه هناك عن علي بن عبد الله عن سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن جابر إلى آخره ومضى الكلام فيه هناك قوله فنظر النبي له أي للعباس قميصا أي نظر يطلب قميصا لأجله فوجدوا قميص عبد الله بن أبي بن سلول وكان العباس طوالا كأنه الفسطاط وكان أبوه عبد المطلب أطول منه وكان ابنه عبد الله إذا مشى مع الناس كأنه راكب والناس مشاة وكان العباس أطول منه فلم يجدوا قميصا قدره إلا قميص عبد الله بن أبي بن سلول وهو معنى قوله يقدر عليه بضم الدال من قدرت الثوب عليه قدرا فانقدر أي جاء على المقدار قوله إياه أي قميص عبد الله قوله فلذلك أي فلأجل ذلك نزع النبي قميصه من بدنه فألبسه عبد الله بعد وفاته مكافأة على صنيعه وهو معنى قوله قال ابن عيينة أي سفيان بن عيينة كانت له أي لعبد الله عند النبي يد أي نعمة فأحب النبي أن يكافئه وفيه أن المكافأة تكون في الحياة وبعد الممات وفيه كسوة الأسارى والإحسان إليهم ولا يتركون عراة فتبدو عوراتهم ولا يجوز النظر إلى عورات المشركين - .
341 - .
( باب فضل من أسلم على يديه رجل ) .
أي هذا باب في بيان فضل من أسلم على يديه رجل