السبيعي وأخرجه مسلم أيضا .
قوله رجل للبراء وفي رواية قال للبراء رجل من قيس قوله أفررتم الهمزة فيه للاستفهام على وجه الاستخبار قوله يوم حنين قال الواقدي حنين واد بينه وبين مكة ثلاث ليال قرب الطائف وقال البكري بضعة عشر ميلا والأغلب فيه التذكير لأنه اسم ماء وربما أنثت العرب جعلته إسما للبقعة وهو وراء عرفات سمي بحنين بن قانية بن مهلايل وقال الزمخشري هو إلى جنب ذي المجاز وكانت سنة ثمان وسببها أنه لما أجمع على الخروج إلى مكة لنصرة خزاعة أتى الخبر إلى هوازن أنه يريدهم فاستعدوا للحرب حتى أتوا سوق ذي المجاز فسار حتى أشرف على وادي حنين مساء ليلة الأحد ثم صالحهم يوم الأحد نصف شوال قوله لكن رسول الله لم يفر هذا هو المعلوم من حاله وحال الأنبياء عليهم الصلاة والسلام لإقدامهم وشجاعتهم وثقتهم بوعد الله D ورغبتهم في الشهادة وفي لقاء الله D ولم يثبت عن واحد منهم والعياذ بالله أنه فر ومن قال ذلك قتل ولم يستتب لأنه صار بمنزلة من قال إنه كان أسودا وأعجميا لإنكاره ما علم من وصفه قطعا وذلك كفر قال القرطبي وحكي عن بعض أصحابنا الإجماع على قتل من أضاف إليه نقصا أو عيبا وقيل يستتاب فإن تاب وإلا قتل قال ابن بطال لأنه كافر إن لم يتأول ويعذر بتأويله وقال النووي والذين فروا يومئذ إنما فتحه عليه من كان في قلبه مرض من مسلمة الفتح المؤلفة ومشركيها الذين لم يكونوا أسلموا والذين خرجوا الأجل الغنيمة وإنما كانت هزيمتهم فجاءة قوله إن هوازن هم قبيلة من قيس فإن قلت هذا الاستدراك مماذا قلت تقديره نحن فررنا ولكن رسول الله لم يفر وحذف لقصدهم عدم التصريح بفرارهم وكذلك التقدير في قوله فأما رسول الله فلم يفر تقديره أما نحن فقد فررنا وأما رسول الله فلم يفر قوله رماة جمع رام قوله واستقبلونا ويروى فاستقبلونا بالفاء قوله على بغلته البيضاء واختلف في هذه البغلة ففي مسلم كانت بيضاء أهداها له فروة ابن نفاثة وفي لفظ كانت شهباء وفي رواية ابن سعد كان راكبا دلدل التي أهداها له المقوقس فيحتمل أن يكون ركبهما يومئذ نزل عن واحدة وركب الأخرى وركوبه يومئذ البغلة هو النهاية في الشجاعة والثبات لا سيما في نزوله عنها ومما يدل على شجاعته تقدمه يركض على البغلة إلى جمع المشركين حين فر الناس وليس معه غير اثني عشر نفرا وكان العباس وأبو سفيان آخذين بلجام البغلة يكفانها عن الإسراع به إلى العدو وأبو سفيان هو ابن الحارث بن عبد المطلب ابن عم رسول الله وأخوه من الرضاعة قيل اسمه كنيته وقيل اسمه المغيرة وكان من فضلاء الصحابة مات بالمدينة سنة عشرين قوله والنبي يقول الواو فيه للحال وقوله أنا النبي لا كذب زعم ابن التين أن بعض أهل العلم كان يرويه لا كذب بنصب الباء ليخرجه عن أن يكون موزونا وفيه إثبات لنبوته كأنه قال أنا ليس بكاذب فيما أقول فيجوز على الانهزام وانتسابه إلى جده لرؤيا كان عبد المطلب رآها دالة على نبوته مشهورة عند العرب وعبررها له سيف ابن ذي يزن فيما ذكره ابن ظفر قلت قصته أن عبد المطلب لما وفد على سيف بن ذي يزن في جماعة من قريش أخبر سيف أن يكون في ولده نبي وكان ذلك مما يناقله أهل اليمن كابرا عن كابر إلى أن بلغ سيفا وقيل لأن شهرة جده كانت أكثر من شهرة أبيه لأنه توفي شابا في حياة أبيه .
وفيه جواز الانتماء في الحرب وإنما كره من ذلك ما كان على وجه الافتخار في غير الحرب لأنه رخص في الخيلاء في الحرب مع نهيه عنها في غيرها فإن قلت الفرار من الزحف كبيرة فكيف بمن انهزم هنا قلت قال الطبري الفرار المتوعد عليه هو أن ينوي أن لا يعود إذا وجد قوة وأما من تحيز إلى فئة أو كان فراره لكثرة عدد العدو ونوى العود إذا أمكنه ليس داخلا في الوعيد ولهذا قال D في حق هؤلاء ثم أنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين ( التوبة 66 ) وفيه جواز الأخذ بالشدة والتعرض للهلكة في سبيل الله لأن الناس فروا عن رسول الله ولم يبق إلا اثني عشر رجلا وهم عتبة ومعتب ابني أبي لهب وجعفر بن أبي سفيان بن الحارث بن عبد المطلب وأبو بكر وعمر وعلي والفضل بن عباس وأسامة وقثم بن العباس وأيمن بن أم أيمن وقتل يومئذ وربيعة بن الحارث بن عبد المطلب وعقيل بن أبي طالب وأم سليم أم أنس بن مالك من النساء وفيه ركوب البغال في الحرب للإمام ليكون أثبت له ولئلا يظن به الاستعداد للفرار والتولي وهو من باب السياسة لنفوس الاتباع لأنه إذا ثبت أتباعه وإذا ريىء منه العزم على الثبات عزم عليه