ومواجهة العدو كما قال لأصحابه يوم بدر حين أقبل المشركون في عددهم وعددهم قوموا إلى جنة عرضها السموات والأرض الحديث وقال محمد بن إسحاق حدثني ابن أبي نجيح عن عطاء عن ابن عباس قال لما نزلت هذه الآية أعني قوله يا أيها النبي حرض المؤمنين ( الأنفال 56 ) الآية ثقلت على المسلمين وأعظموا أن يقاتل عشرون مائتين ومائة ألفا فخفف الله عنهم فنسخها بالآية الأخرى فقال الآن خفف الله عنكم وعلم أن فيكم ضعفا ( الأنفال 66 ) الآية فكانوا إذا كانوا على الشطر من عدوهم لم ينبغي لهم أن يفروا من عدوهم وإذا كانوا دون ذلك لم يجب عليهم وجائز لهم أن يتحوزوا وروي عن علي بن أبي طلحة العوفي عن ابن عباس نحو ذلك وقال ابن أبي حاتم وروي عن مجاهد وعطاء وعكرمة والحسن وزيد بن أسلم وعطاء الخراساني والضحاك نحو ذلك .
4382 - حدثنا ( عبد الله بن محمد ) قال حدثنا ( معاوية بن عمرو ) قال حدثنا ( أبو إسحاق ) عن ( حميد ) قال سمعت ( أنسا ) رضي الله تعالى عنه يقول خرج رسول الله إلى الخندق فإذا المهاجرون والأنصار يحفرون في غداة باردة فلم يكن لهم عبيد يعملون ذلك لهم فلما رأى ما بهم من النبب والجوع قال .
( أللهم إن العيش عيش الآخرة .
فاغفر للأنصار والمهاجرة ) .
فقالوا مجيبين له .
( نحن الذين بايعوا محمدا .
على الجهاد ما بقينا أبدا ) .
مطابقته للترجمة من حيث إن في قوله .
( اللهم إن العيش عيش الآخرة ) .
تحريضهم على ما هم فيه لكونه من الجهاد ورجاله قد ذكروا في إسناد الحديث السابق في الباب الذي قبله .
قوله خرج رسول الله إلى الخندق وكان في شوال سنة خمس من الهجرة نص على ذلك ابن إسحاق وعروة بن الزبير وقتادة وقال موسى بن عقبة عن الزهري أنه قال كانت الأحزاب في شوال سنة أربع وكذلك قال مالك بن أنس وكان سبب ذلك أنه لما بلغه اجتماع الأحزاب وهي القبائل واتفاقهم على محاربته ضرب الخندق على المدينة قال ابن هشام يقال إن الذي أشار به سلمان رضي الله تعالى عنه وقال الطبري والسهيلي أول من حفر الخنادق منوجهر بن أيرج وكان في زمن موسى E قوله فإذا كلمة إذ المفاجأة قوله ما بهم أي الأمر الملتبس بهم قوله من النصب أي التعب قوله والجوع .
قوله قال أي النبي اللهم لا عيش إلا عيش الآخرة إلى آخره وقال الداودي إنما قال ابن رواحة لا هم بلا ألف ولا لام فأتى به بعض الرواة على المعنى وهذا موزون وقال ابن التين بالألف واللام إلى آخره فليس بموزون ولا هو رجز وقال ابن بطال ليس هو من قول رسول الله بل هو من قول ابن رواحة ولو كان من لفظه لم يكن بذلك شاعرا ولا ممن ينبغي له الشعر وإنما يسمي به من قصد صناعته وعلم السبب والوتد والشطر وجميع معانيه من الله لزحاف والخرم والقبض ونحو ذلك قلت فيه نظر لأن شعراء العرب لم يكونوا يعلمون ما ذكره من ذلك قوله إن العيش أي العيش المعتبر أو العيش الباقي قوله فاغفر للأنصار ويروى للأنصار ويخرج به عن الوزن قوله بايعوا ويروى بايعنا .
وفيه من الفوائد أن للحفر في سبيل الله وتحصين الديار وسد الثغور منها أجر كأجر القتال والنفقة فيه محسوبة في نفقات المجاهدين إلى سبعمائة ضعف وفيه استعمال الرجز والشعر إذا كانت فيه إقامة النفوس وإثارة الأنفة والمعرة