فاتفق أن يتأخر الوحي عنه ورمي بما رمي به لأجل ذلك ثم علمه الله بقوله تعالى ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله ( الكهف 32 ) فكان بعد ذلك يستعمل هذه الكلمة حتى في الواجب قوله فلم تحمل منهم أي من مائة امرأة قوله إلا امرأة واحدة جاءت بشق رجل وفي رواية بشق غلام في أخرى نصف إنسان وفي أخرى فلم تحمل شيئا إلا واحدا سقط أحدى شقيه قوله فرسانا حال وهو جمع فارس قوله أجمعون بالرفع لتأكيد ضمير الجمع الذي في قوله لجاهدوا ويجوز أجمعين بالنصب تأكيدا لقوله فرسانا إن صحت الرواية .
ذكر ما يستفاد منه فيه الحض على طلب الولد لنية الجهاد في سبيل الله وقد يكون الولد بخلاف ما أمله فيه ولكن له الأجر في نيته وعمله وفيه أن من قال إن شاء الله وتبرأ من مشيئته ولم يعط الحظ لنفسه في أعماله فهو حري أن يبلغ أمله ويعطى أمنيته وليس كل من قال قولا ولم يستثن فيه المشيئة بواجب أن لا يبلغ أمله بل منهم من شاء الله بإتمام أمله ومنهم من يشاء أن لا يتمه بما سبق في علمه لكن هذه التي أخبر عنها سيدنا رسول الله أنها مما لو استثنى لتم أمله فدل هذا على أن الأقدار في علم الله D على ضروب فقد يقدر للإنسان الرزق والولد والمنزلة إن فعل كذا أو قال أو دعا فإن لم يفعل ولا قال لم يقدر ذلك الشيء وأصل هذا في قصة يونس E فلولا أنه كان من المسبحين للبث في بطنه فبان بهذا أن تسبيحه كان سبب خروجه من بطن الحوت ولو لم يسبح ما خرج منه وفيه أن الاستثناء ليمضي فيه القدر السابق كما سبق وفيه أن الاستثناء يكون بأثر القول وإن كان فيه سكوت يسير لم ينقطع به دونه فصال الحائلة بينه وبين الاستثناء واليمين وفيه ما كان الله تعالى خص به الأنبياء من صحة البنية وكمال الرجولية مع ما كانوا فيه من المجاهدات في العبادة والعادة في مثل هذا لغيرهم الضعف عن الجماع لكن خرق الله تعالى لهم العادة في أبدانهم كما خرقها لهم في معجزاتهم وأحوالهم فحصل لسليمان