كان خارجا عن الإسلام قوله ويدعونه إلى النار تأكيد للأول لأن المشركين إذ ذاك طالبوه بالرجوع عن دينه قال فإن قيل فتنة عمار كانت في أول الإسلام وهنا قال يدعوهم بلفظ المستقبل وما قبله لفظ الماضي قيل له العرب تخبر بالفعل المستقبل عن الماضي إذا عرف المعنى كما تخبر بالماضي عن المستقبل فمعنى يدعوهم دعاهم إلى الله فأشار إلى ذكر هذا لما تطابقت شدته في نقله لبنتين شدته في صبره بمكة على العذاب تنبيها على فضيلته وثباته في أمر الله تعالى وقال الكرماني ويدعوهم أي في الزمان المستقبل وقد وقع ذلك يوم صفين معجزة لرسول الله حيث دعا الفئة الباغية إلى الحق وكانوا يدعونه إلى الباطل البغي انتهى قلت ظاهر الكلام يساعد الكرماني ولكن ابن بطال تأدب حيث لم يتعرض إلى ذكر صفين إبعادا لأهلها عن نسبة البغي إليهم والله أعلم .
81 - .
( باب الغسل بعد الحرب والغبار ) .
أي هذا باب في بيان ما جاء من غسل النبي بعد الفراغ من الحرب وبيان كون الغبار على رأس جبريل E في تلك الحرب لأنه لما فرغ يوم الخندق من الحرب اغتسل وأتاه جبريل وعلى رأسه الغبار وأشار إليه أن يذهب إلى بني قريظة كما يجيء الآن بيانه في حديث الباب والترجمة المذكورة مشتملة على شيئين على الغسل وعلى الغبار فلا يتضح معناها إلا بما ذكرنا وبذلك يحصل التطابق أيضا بينها وبين حديث الباب .
3182 - حدثنا ( محمد ) قال أخبرنا ( عبدة ) عن ( هشام بن عروة ) عن أبيه عن ( عائشة ) رضي الله تعالى عنها أن رسول الله لما رجع يوم الخندق ووضع السلاح واغتسل فأتاه جبريل وقد عصب رأسه الغبار فقال وضعت السلاح فوالله ما وضعته فقال رسول الله فأين قال هاهنا وأومأ إلي بني قريظة قالت فخرج إليهم رسول الله .
وجه المطابقة بين الترجمة والحديث قد مر الآن قوله محمد كذا وقع في رواية الأكثرين بغير نسبة وفي رواية أبي ذر حدثنا محمد بن سلام وعبدة ضد الحرة هو ابن سليمان والحديث من أفراده .
قوله يوم الخندق هو خندق مدينة رسول الله حفره الصحابة لما تحزبت عليهم الأحزاب فيوم الخندق هو يوم الأحزاب قال مالك كانت غزوة الخندق في سنة أربع وقيل سنة خمس قوله وقد عصب رأسه بفتح العين والصاد المهملتين جملة حالية أي ركب رأسه الغبار وعلق به كالعصابة قوله بني قريظة بضم القاف وفتح الراء وسكون التحتانية وبالظاء المعجمة قبيلة من اليهود وفيه قتال الملائكة بالسلاح ومصاحبتهم المجاهدين في سبيل الله تعالى وأنهم في عونهم ما استقاموا فإن خانوا فارقتهم يدل على ذلك قوله مع كل قاض ملكان يسددانه ما أقام الحق فإذا جاز تركاه والمجاهد حاكم بأمر الله في أعوانه وأصحابه .
91 - .
( باب فضل قول الله تعالى ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون فرحين بما آتاهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم أن لا خوف عليهم ولا هم يحزنون يستبشرون بنعمة من الله وفضل وأن الله لا يضيع أجر المؤمنين ( آل عمران 971 - 181 ) ) .
أي هذا باب في بيان فضل من ورد فيه قول الله تعالى ولا تحسبن الذين قتلوا ( آل عمران 971 - 181 ) الآية ولا بد من هذا التقدير لأن ظاهره غير مراد ولهذا حذف الإسماعيلي لفظ فضل من الترجمة ثم إن الآيتين ساقهما بتمامهما الأصيلي وكريمة وفي رواية أبي ذر ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون ( آل عمران 971 - 181 ) إلى وإن الله لا يضيع أجر المؤمنين ( آل عمران 971 - 181 ) واختلفوا في سبب نزول هذه الآيات فقال الإمام أحمد حدثنا يعقوب حدثنا أبي عن إسحاق حدثنا إسماعيل بن أمية بن عمرو