بالفاء فإن صحت هذه فيجوز فيه الجر أيضا ولا يخفى ذلك على من يتأمل فيه قوله قال فالثلث نصب على الإغراء ويجوز الرفع على الفاعل أي يكفيك الثلث أو على تقدير الابتداء والخبر محذوف أو على العكس قوله والثلث كثير بالثاء المثلثة أو بالباء الموحدة وقوله قلت فالثلث قال الثلث والثلث كثير كذا هو في أكثر الروايات وفي رواية الزهري في الهجرة قال الثلث يا سعد والثلث كثير وفي رواية مسلم عن مصعب بن سعد عن أبيه قلت فالثلث قال نعم والثلث كثير وفي رواية عائشة بنت سعد عن أبيها في الباب الذي يليه قال الثلث والثلث كثير أو كبير وفي رواية النسائي من طريق أبي عبد الرحمن السلمي عن سعد بلفظ فقال أوصيت قلت نعم قال بكم قلت بمالي كله قال فما تركت لولدك وفيه أوص بالعشر قال فما زال يقول وأقول حتى قال أوص بالثلث والثلث كثير أو كبير يعني بالمثلثة أو بالموحدة وهو شك من الراوي والمحفوظ في أكثر الروايات بالمثلثة ومعناه كثير بالنسبة إلى ما دونه قوله إنك إن تدع قد مر الكلام فيه في أول الباب وقال النووي فتح إن وكسرها صحيحان يعني بالفتح تكون للتعليل وبالكسر تكون للشرط وقال القرطبي لا معنى للشرط هنا لأنه يصير لا جواب له ويبقى خير لا رافع له وقال ابن الجوزي سمعناه من رواة الحديث بالكسر وأنكره شيخنا عبد الله بن أحمد يعني ابن الخشاب وقال لا يجوز الكسر لأنه لا جواب له لخلو لفظ خير من الفاء انتهى قلت هذا كلام ساقط من رجل ضابط وقد قلنا إن الفاء حذفت وتقديره فهو خير وحذف الفاء من الجزاء سائغ شائع غير مختص بالضرورة قوله ورثتك قيل إنما عبر بلفظ الورثة ولم يقل أن تدع بنتك مع أنه لم يكن له يومئذ إلا ابنة واحدة لكون الوارث حينئذ لم يتحقق لأن سعدا إنما قال ذلك بناء على موته في ذلك المرض وبقائها بعده حتى ترثه فأجابه بكلام كلي مطابق لكل حاله وهو قوله ورثتك ولم يخص بنتا من غيرها وقيل إنما عبر بالورثة لأنه اطلع على أن سعدا سيعيش ويأتيه أولاد غير البنت المذكورة فكان ذلك وولد له بعد ذلك أربعة بنين ولا أعرف أسماءهم ولعل الله أن يفتح بذلك وهذا ذهول شديد منه فإن ثلاثة من أولاده مذكورون في رواية هذا الحديث عند مسلم من طريق عامر ومصعب ومحمد ثلاثتهم عن سعد والرابع وهو عمر ابن سعد في موضع آخر وله غير هؤلاء من الذكور إبراهيم ويحيى وإسحاق وعبد الله وعبد الرحمن وعمرو وعمران وصالح وعثمان وإسحاق الأصغر وعمر الأصغر وعمير مصغرا وغيرهم ومن البنات ثنتا عشرة بنتا وقيل لأن ميراثه لم يكن منحصرا في بنته وقد كان لأخيه عتبة بن أبي وقاص أولاد إذ ذاك منهم هاشم بن عتبة الصحابي الذي قتل بصفين قوله عالة أي فقراء وهو جمع عائل وهو الفقير من عال يعيل إذا افتقر ومر تفسيره يتكففون في أول الباب قوله في أيديهم أي بأيديهم أو المعنى يسألون بالكف اللقاء في أيديهم قوله وإنك عطف على قوله إن تدع وهذا كأنه علة للنهي عن الوصية بأكثر من الثلث فينحل التركيب إلى قوله لا تفعل لأنك إن مت تركت ورثتك أغنياء وإن عشت تصدقت وانفقت فالأجر حاصل لك حيا وميتا قوله فإنها صدقة أي فإن النفقة صدقة وأطلق الصدقة في هذه الرواية وفي رواية الزهري فإنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت بها وفيه ذكرها مقيدة بابتغاء وجه الله وعلق حصول الأجر بذلك وهو المعتبر وفيه دلالة على أن أجر الواجب يزداد بالنية لأن الأعمال بالنيات قوله حتى اللقمة حتى هذه ابتدائية يعني حرف ابتداء ابتدأ بعده إما جملة إسمية كما في قوله حتى ماء دجلة أشكل أو فعلية كما في قوله حتى عفوا وهنا الجملة إسمية من المبتدأ والخبر وقال بعضهم حتى اللقمة بالنصب عطفا على نفقة وفيه نظر قوله إلى في امرأتك أي إلى فم امرأتك فإن قلت ما وجه تعلق النفقة بقصة الوصية قلت لما كان سؤال سعد مشعرا برغبته في تكثير الأجر ومنعه من الزيادة على الثلث قال له مسليا إن جميع ما تفعله في مالك من صدقة ناجزة ومن نفقة ولو كانت واجبة توجر بها إذا ابتغيت بذلك وجه الله تعالى فإن قلت ما وجه تخصيص المرأة بالذكر قلت لأن نفقتها مستمرة بخلاف غيرها قوله عسى الله أن يرفعك أي يطيل عمرك وكذلك اتفق فإنه عاش بعد ذلك أزيد من أربعين سنة لأنه مات سنة خمس وخمسين من الهجرة وقيل سنة ثمان وخمسين فيكون عاش بعد حجة الوداع خمسا وأربعين أو ثمانيا وأربعين سنة قوله فينتفع بك ناس أي ينتفع بك المسلمون بالغنائم مما سيفتح الله على يديك من بلاد الشرك ويضر بك المشركون الذين يهلكون على يديك وزعم ابن التين أن المراد بالنفع به ما وقع من الفتوح على يديه كالقادسية وغيرها وبالضرر ما وقع من تأمير