والدليل على ذلك أن الآية في الحجرات ونزولها متأخر جدا .
على أن المفسرين اختلفوا في سبب نزول هذه الآية فقال قتادة نزلت في رجلين من الأنصار كانت بينهما مداراة في حق بينهما فقال أحدهما للآخر لآخذن حقي منك عنوة لكثرة عشيرته وأن الآخر دعاه إلى النبي فأبى أن يتبعه فلم يزل الأمر بينهما حتى تدافعا وحتى تناول بعضهم بعضا بالأيدي والنعال ولم يكن قتال بالسيوف وقال الكلبي إنها نزلت في حرب سمير وحاطب وكان سمير قتل حاطبا فجعل الأوس والخزرج يقتتلون إلى أن أتاهم رسول الله فأنزل الله هذه الآية وأمر نبيه والمؤمنين أن يصلحوا بينهم وقال السدي كانت امرأة من الأنصار يقال لها أم زيد تحت رجل وكان بينها وبين زوجها شيء قال فرقى بها إلى علية وحبسها فيها فبلغ ذلك قومها فجاؤا وجاء قومه فاقتتلوا بالأيدي والنعال فأنزل الله تعالى وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا ( الحجرات 9 ) ح .
ذكر ما يستفاد منه فيه بيان ما كان للنبي عليه من الصفح والحلم والصبر على الأذى والدعاء إلى الله تعالى وتأليف القلوب على ذلك وفيه أن ركوب الحمار لا نقص فيه على الكبار وكان ركوبه على سبيل التشريع ركب مرة فرسا لأبي طلحة في فزع كان بالمدينة وركب يوم حنين بغلته ليثبت المسلمون إذا رأوه عليها ووقف بعرفة على راحلته وسار منها إلى مزدلفة وهو عليها ومن مزدلفة إلى منى وإلى مكة وفيه ما كان عليه الصحابة من تعظيم رسول الله والأدب معه والمحبة الشديدة وفيه جواز المبالغة في المدح لأن الصحابي أطلق على أن ريح الحمار أطيب من ريح عبد الله بن أبي ولم ينكر عليه النبي في ذلك وفيه إباحة مشي التلامذة والشيخ راكب .
2 - .
( باب ليس الكاذب الذي يصلح بين الناس ) .
أي هذا باب يذكر فيه ليس الكاذب الذي يصلح بين الناس لأن فيه دفع المفسدة وقمع الشرور ومعناه أن هذا الكذب لا يعد كذبا بسبب الإصلاح مع أنه ل يخرج من حقيقته فإن قلت الذي في الحديث ليس الكذاب فلفظ الترجمة لا يطابقه قلت في لفظ مسلم من رواية معمر عن ابن شهاب كلفظ الترجمة فلا يضر هذا القدر من الاختلاف وقال بعضهم وكان حق السياق أن يقول ليس من يصلح بن الناس كاذبا لكنه ورد على طريق القلب وهو سائغ انتهى قلت الذي ذكره هو حق السياق لأن الحديث هكذا فراعى المطابقة غير أن الاختلاف في لفظ الكذاب والكاذب وكلاهما لفظ النبي في حديث واحد فلا يعد اختلافا ودعوى القلب لا دليل عليه مع أن معنى قوله في الحديث ليس الكذاب أنه من باب ذي كذا أي ليس بذي كذب كما قيل في قوله تعالى وما ربك بظلام للعبيد ( فصلت 64 ) أي وما ربك بذي ظلم لأن نفي الظلامية لا يستلزم نفي كونه ظالما فلذلك يقدر كذا لأن الله تعالى لا يظلم مثقال ذرة يعني ليس عنده ظلم أصلا .
2962 - حدثنا ( عبد العزيز بن عبد الله ) قال حدثنا ( إبراهيم بن سعد ) عن ( صالح ) عن ( ابن شهاب ) أن ( حميد بن عبد الرحمان ) أخبره أن ( أمه ) أم ( كلثوم بنت عقبة أخبرته أنها ) سمعت رسول الله يقول ليس الكذاب الذي يصلح بين الناس فينمي خيرا أو يقول خيرا .
مطابقته للترجمة ظاهرة .
ذكر رجاله وهم ستة الأول عبد العزيز بن عبد الله بن يحيى بن عمرو بن أويس الأويسي وفي بعض النسخ لفظ الأويسي مذكور وهو نسبته إلى أحد أجداده الثاني إبراهيم بن سعد بن عبد الرحمن بن عوف الثالث صالح بن كيسان الرابع محمد بن مسلم بن شهاب الزهري الخامس حميد بضم الحاء ابن عبد الرحمن بن عوف بن عبد عوف السادس أمه أم كلثوم بنت عقبة بضم العين وسكون القاف ابن أبي معيط كانت تحت زيد بن حارثة ثم تزوجها عبد الرحمن بن عوف فولدت له إبراهيم وحميدا ثم تزوجها الزبير بن العوام ثم تزوجها عمرو بن العاص وهي أخت الوليد بن