( بيان المعاني ) قوله تمارى هو والحر بن قيس وكان لابن عباس في هذه القصة تماريان تمار بينه وبين البحر ابن قيس أهو الخضر أن غيره وتمار بينه وبين نوف البكالى في موسى بن عمران الذي أنزلت عليه التوراة أم موسى بن ميشا بكسر الميم وسكون الياء آخر الحروف بعد هاشين معجمة هكذا قاله الكرماني في التمارى الثاني وليس كذلك فإن هذا التمارى كان بين سعيد بن جبير وبين البكالي على ما يجيء في التفسير وسياق سعيد بن جبير للحديث عن ابن عباس أتم من سياق عبيد الله بن عبد الله هذا بشيء كثير وسيأتي مبينا إن شاء الله تعالى قوله في صاحب موسى أي الذي ذهب موسى عليه الصلاة السلام إليه وقال له هل اتبعك لفتاه الذي كان رفيقه عند الذهاب قوله فدعاه ابن عباس أي فناداه وقال ابن التين فيه حذف تقديره فقام إليه فسأله لان المعروف عن ابن عباس التأدب مع من يأخذ عنه وإخباره في ذلك مشهورة قوله فسأل موسى السبيل إليه أي قال فادللني لان المعروف عن ابن عباس التأدب مع من يأخذ عنه وإخباره في ذلك مشهورة قولهفسأل موسى السبيل إليه أي قال إفادللني اللهم إليه قوله فقال هل تعلم أحدا أعلم منك قال موسى لا وجاء في كتاب التفسير وغيره فسئل أي الناس أعلم فقال أنا فعتب الله عليه إذا لم يرد العلم إليه وكذا جاءه في مسلم وفيه أيضا بينا موسى في قومه يذكرهم أيام الله وأيام الله نعماؤه وبلاؤه إذ قال ما اعلم في الأرض رجلا خيرا وأعلم مني فأوحى الله إليه أن في الأرض رجلا هو أعلم منك وقال المازرى أما على رواية من روى هل تعلم أحدا أعلم منك فقال أنا فلا عتب عليه إذا خبر عما يعلم وأما على رواية أي الناس أعلم فقال أنا أعلم فقال أنا أعلم أي فيما يقتضيه شاهد الحال ودلالة النبوة ويظهر لي أن موسى كان من النبوة بالمكان الأرفع والعلم من اعظم المراتب فقد يعتقد أنه أعلم الناس بهذه المرتبة فإذا كان مراده بقوله أنا أعلم في اعتقادي لم يكن خبره كذبا وقيل قول المازري فلا عتب عليه مردود بقوله عليه السلام فعتب الله عليه لكن ينبغي العتب له أن لا ينفى العتب مطلقا بل عتب مخصوص وقال القاضي عياض وقيل مراد موسى بقوله أنا أعلم أي بوظائف النبوة وأمور الشريعة وسياسة الأمر والخضر أعلم منه بأمور أخر من علوم غيبية كما ذكر من خبرهما وكان موسى اعلم على الجملة والعموم مما لا يمكن جهل الأنبياء بشيء منه والخضر أعلم على الخصوص مما ألم من الغيوب وحوادث القدر مما لا يعلم الأنبياء منه إلا ما أعلموا من غيبة ولهذا قال له الخضر انك على علم من علم الله علمك لا أعلمه وأنا على علم من علم الله علمنه لا تعلمه ألا تراه لم يعرف موسى بن إسرائيل حتى عرفه بنفسه إذا لم يعرفه الله به وهذا مثل قول نبينا محمد إني لا علم إلا ما علمني ربي ومعنى قوله فعتب الله عليه أي لم يرض قوله وآخذه به واصل العتب المؤاخذة يقال منه عتب عليه إذا وجده وذكره له فالمؤاخذة والعتب في حق الله محال فمعنى قوله فعتب الله عليه لم يرض قوله شرعا ودينا وقد عتب الله عليه إذا لم يرد رد الملائكة ( لا علم لنا إلا ما علمتنا ) وقيل جاء هذا تنبيها لموسى وتعليما لمن بعده ولئلا يقتدي به غيره في تزكية نفسه والعجب بحاله فيهلك وإنما الجيء موسى للخضر لتأديب لا للتعليم قوله فجعل الله له الحوت آية أي علامة لمكان الخضر ولقائه وذلك أنه لما قال موسى أين أطلبه قال الله له على الساحل عند الصخرة قال يا رب كيف لي به قال تأخذ حوتا في مكتل فحيث فقدته فهو هناك فقيل أخذ سمكة مملوحة قال لفتاه إذا فقدت الحوت فاخبرني وكان يمشي ويتبع أثر الحوت أي ينتظر فقدانه فرقد موسى فاضطرب الحوت ووقع في البحر قيل أن يوشع حمل الخبز والحوت في المكتل فنزلا ليلة على شاطئ عين تسمى عين الحياة فلما أصاب السمكة روح الماء وبرده عاشت وقيل توضأ يوشع من تلك العين فانتضح الماء على الحوت فعاش ووقع في الماء قوله نسيت الحوت أي نسيت تفقد أمره وما يكون منه مما جعل امارة على الظفر بالطلبة من لقاء الخضر عليه السلام قوله قال أي موسى E ذلك أي فقدان الحوت هو الذي كنا نبغي أي نطلب لأنه علامة وجدان المقصود قوله فارتدا أي رجعا على آثارهما يقصان قصصا أي يتبعان آثارهما اتباعا قوله من شأنهما أي شأن الخضر وموسى عليهما السلام والذي قص الله تعالى في كتابه اشارة إلى قوله تعالى ( هل أتبعك على أن تعلمني مما علمت رشدا ) إلى قوله ( ويسألونك عن ذي القرنين ) ( بيان استنباط الأحكام ) الأول قال ابن بطال فيه جواز التمارى في العلم إذا كان كل واحد يطلب الحق ولم يكن تعنتا الثاني فيه الرجوع إلى قول أهل العلم عند التنازع الثالث فيه أنه يجب على العالم الرغبة في التزيد من العلم والحرص عليه