قالت جاءت بريرة الحديث وأخرجه النسائي عن يونس عن يزيد عن ابن وهب إلى آخره نحو رواية الطحاوي فاشترك النسائي والطحاوي هنا في يونس بن عبد الأعلى وقد علم من هذا أن يونس بن يزيد رفيق الليث فيه لا شيخه والوجه الآخر أنه وقع فيه مخالفة للروايات المشهورة وهو قوله وعليها خمسة أواق نجمت عليها في خمس سنين والمشهور ما في رواية هشام بن عروة التي تأتي بعد بابين عن أبيه أنها كاتبت على تسع أواق كل عام أوقية وقد جزم الإسماعيلي أن هذه الرواية المعلقة غلط قلت أجيب عنه بأن التسع أصل والخمس كانت بقيت عليها وبهذا جزم القرطبي والمحب الطبري فإن قلت في رواية قتيبة ولم تكن أدت من كتابتها شيئا قلت أجيب بأنها كانت حصلت الأربع أواق قبل أن تستعين بعائشة ثم جاءتها وقد بقي عليها خمس وقال القرطبي يجاب بأن الخمس هي التي كانت استحقت عليها لحلول نجومها من جملة التسع الأواقي المذكورة في حديث هشام ويؤيده قوله في رواية عمرة عن عائشة التي مضت في كتاب الصلاة في باب ذكر البيع والشراء على المنبر في المسجد فقال أهلها إن شئت أعطيت ما بقي قوله دخلت عليها أي على عائشة قوله تستعينها جملة حالية قوله في كتابتها أي في مال كتابتها قوله أواقي جمع أوقية وهي أربعون درهما ويجوز في الجمع تشديد الياء وتخفيفها قوله نجمت على صيغة المجهول صفة للأواقي قوله ونفست فيها جملة حالية معترضة بين القول ومقوله وهو بكسر الفاء أي رغبت ومنه فليتنافس المتنافسون ( المطففين 62 ) وإذا قيل نفست به يكون معناه نحلت ونفست عليه الشيء نفاسة إذا لم تره له أهلا ونفست المرأة تنفس من باب علم يعلم إذا حاضت قوله أرأيت إن عددت لهم عدة واحدة معنى أرأيت أخبريني ومعنى عددت لهم عددت الخمس أواقي وفي رواية عمرة عن عائشة إن أحل أهلك أن أصب لهم ثمنك صبة واحدة وأعتقك كذا في رواية الطحاوي قوله شروطا ليست في كتاب الله تعالى أي ليس في حكم الله تعالى وقضائه في كتابه أو سنة رسوله قوله شرط الله أحق قال الداودي شرط الله ههنا أراه والله أعلم هو قوله تعالى فإخوانكم في الدين ومواليكم ( الأحزاب 33 ) وقوله وإذ تقول للذي أنعم الله عليه وأنعمت عليه ( الأحزاب 73 ) وقال في موضع هو قوله لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل ( البقرة 881 والنساء 92 ) وقوله تعالى وما أتاكم الرسول فخذوه ( الحشر 7 ) الآية وقال القاضي عياض وعندي أن الأظهر هو ما أعلم به من قوله إنما الولاء لمن أعتق ومولى القوم منهم والولاء لحمة كالنسب وفي بعض الروايات كتاب الله أحق يحتمل أن يريد حكمه ويحتمل أن يريد القران .
وفيه فوائد كصيرة تكلم العلماء فيه كثيرا جدا لأنه روي بوجوه مختلفة وطرق متغايرة حتى أن محمد بن جرير صنف في فوائده مجلدا وقد ذكرنا أكثرها فيما مضى في كتاب الصلاة والزكاة وغيرها ومن أعظم فوائده ما احتج به قوم على فساد البيع بالشرط وبه قال أبو حنيفة والشافعي وذهب قوم إلى أن البيع صحيح والشرط باطل وقد ذكرناه فيما مضى مفصلا .
2 - .
( باب ما يجوز من شروط المكاتب ومن اشترط شرطا ليس في كتاب الله تعالى ) .
أي هذا باب في بيان ما يجوز من شروط المكاتب ومن جملة شروط المكاتب قبوله العقد وذكر مال الكتابة سواء كان حالا أو مؤجلا أو منجما وعند الشافعي إذا شرط حالا لا يكون كتابة بل يكون عتقا ومن شروطه أن يكون عاقلا بالغا ويجوز عندنا أيضا إذا كان صغيرا مميزا بأن يعرف أن البيع سالب والشراء جالب وفي ( شرح الطحاوي ) وإذا كان لا يعقل لا يجوز إلا إذا قبل عنه إنسان فإنه يجوز ويتوقف على إدراكه فإن أدى هذا القابل عتق وعند زفر له استرداده وهو القياس وليس في أحاديث الباب إلا ذكر شرط الولاء قوله ومن اشترط شرطا ليس في كتاب الله تعالى وهو الشرط الذي خالف كتاب الله أو سنة رسوله أو إجماع الأمة وقال ابن خزيمة معنى ليس في كتاب الله تعالى ليس في حكم الله جوازه أو وجوبه لا أن كل من شرط شرطا لم ينطق به الكتاب يبطل لأنه قد يشترط في البيع الكفيل فلا يبطل الشرط ويشترط في الثمن شروطا من أوصافه أو من نجومه ونحو ذلك فلا يبطل .
وقال النووي قال العلماء الشرط في البيع أقسام أحدها يقتضيه إطلاق العقد كشرط تسليمه الثاني شرط فيه مصلحة كالرهن وهما جائزان اتفاقا الثالث