نهى رسول الله يوم خيبر عن أكل لحوم الحمر الأهلية إلا من أجل أنها ظهر رواه الطحاوي بإسناد صحيح عن ابن عباس من حديث عبد الرحمن بن أبي ليلى ورواه ابن أبي شيبة موقوفا على عبد الرحمن ولم يذكر ابن عباس وفي الصحيحين عن ابن عباس قال لا أدري أنهى عنه رسول الله من أجل أنه كان حمولة الناس فكره أن يذهب حمولتهم أو حرمه في يوم خيبر وهذا يبين أن ابن عباس علم بالنهي لكنه حمله على التنزيه توفيقا بين الآية وعمومها وبين أحاديث النهي وقال سعيد بن جبير وبعض المالكية إنما منعت الصحابة يوم خيبر من أكل لحوم الحمر الأهلية لأنها كانت جوالة تأكل القذرات فكان نهيه لهذه العلة لا لأجل التحريم وقال آخرون علة النهي كانت لاحتياجهم إليها واحتجوا في ذلك بما رواه الطحاوي من حديث عبد الله بن عمر نهى رسول الله عن أكل الحمار الأهلي يوم خيبر وكانوا قد احتاجوا إليها وقال آخرون علة النهي أنها أقيتت قبل القسمة فمنع النبي من أكلها قبل أن تقسم وقال أبو عمر بن عبد البر وفي إذن رسول الله في أكل الخيل وإباحته لذلك يوم خيبر دليل على أن نهيه عن أكل لحوم الحمر يومئذ عبادة لغير علة لأنه معلوم أن الخيل أرفع من الحمير وأن الخوف على الخيل وعلى قيامها فوق الخوف على الحمير وأن الحاجة في الغزو وغيره إلى الخيل أعظم وبهذا يتبين أن أكل لحوم الحمر لم يكن لحاجة وضرورة إلى الظهر والحمل وإنما كانت عبادة وشريعة والذين ذهبوا إلى إباحة أكل لحوم الحمر الأهلية وهم عاصم بن عمر بن قتادة وعبيد بن الحسن وعبد الرحمن بن أبي ليلى وبعض المالكية احتجوا بحديث غالب بن أبجر قال يا رسول الله إنه لم يبق من مالي شيء استطيع أن أطعم منه أهلي غير حمر لي أو حمرات لي قال فأطعم أهلك من سمين مالك وإنما قذرت لكم جوال القرية رواه الطحاوي وأبو داود وأبو يعلى والطبراني وأجيب عنه بأن هذا الحديث مختلف في إسناده ففي طريق عن ابن معقل عن رجلين من مزينة أحدهما عن الآخر عبد الله بن عمرو بن لويم بضم اللام وفتح الواو وسكون الياء آخر الحروف وفي آخره ميم والآخر غالب بن أبجر وقال مسعر أري غالبا الذي سأل النبي وفي طريق عبد الرحمن بن معقل وفي طريق عبد الله بن معقل وفي طريق عبد الرحمن بن بشر وفي طريق عبد الله بن بشر عوض عبد الرحمن وهذا اختلاف شديد فلا يقاوم الأحاديث الصحيحة التي وردت بتحريم لحوم الأهلية وقال ابن حزم هذا الحديث بطرقه باطل لأنها كلها من طريق عبد الرحمن ابن بشر وهو مجهول والآخر من طريق عبد الله بن عمرو بن لويم وهو مجهول أو من طريق شريك وهو ضعيف ثم عن ابن الحسن ولا يدري من هو أو من طريق سلمى بنت النضر الخضرية ولا يدري من هي وقال البيهقي هذا حديث معلول ثم طول في بيانه .
قال أبو عبد الله كان ابن أبي أويس يقول الحمر الأنسية بنصب الألف والنون .
أبو عبد الله هو البخاري نفسه يحكي عن شيخه إسماعيل بن أبي أويس واسمه عبد الله الأصبحي المدني ابن أخت مالك بن أنس فإنه كان يقول الحمر الأنسية نسبة إلى الأنس بالفتح ضد الوحشة وقال ابن الأثير والمشهور فيها كسر الهمزة منسوبة إلى الأنس وهم بنو آدم الواحد أنسي وفي كتاب أبي موسى ما يدل على أن الهمزة مضمومة فإنه قال هي التي تألف البيوت والأنس ضد الوحشة والمشهور في ضد الوحشة الأنس بالضم وقد جاء فيه بالكسر قليلا قال ورواه بعضهم بفتح الهمزة والنون وليس بشيء قال ابن الأثير إن أراد أن الفتح غير معروف في الرواية فيجوز وإن أراد أنه ليس بمعروف في اللغة فلا فإنه مصدر أنست به أنسا وأنسة وقال بعضهم وتعبيره عن الهمزة بالألف وعن الفتح بالنصب جائز عند المتقدمين وإن كان الاصطلاح أخيرا قد استقر على خلافه فلا تبادر إلى إنكاره انتهى قلت هذا ليس بمصطلح عند النحاة المتقدمين والمتأخرين إنهم يعبرون عن الهمزة بالألف وعن الفتح بالنصب فمن أدعى خلاف ذلك فعليه البيان فالهمزة ذات حركة والألف مادة هوائية فلا تقبل الحركة والفتح من ألقاب البناء والنصب من ألقاب الإعراب وهذا مما لا يخفى على أحد