مسعود وليس بثابت عنهما وتركوا الحديث بالقياس بأن يده قد زالت كيد الراهن .
وقال بعض الشافعية في الحديث المذكور حجة على أبي حنيفة حيث قال هو أسوة الغرماء وأجابوا عن الحديث بأجوبة .
أحدها أنهم قالوا هذا الحديث مخالف للأصول الثابتة فإن المبتاع قد ملك السلعة وصارت في ضمانة فلا يجوز أن ينقض عليه ملكه قالوا والحديث إذا خالف القياس يشترط فيه فقه الراوي وأبو هريرة ليس كذلك والثاني أن المراد الغصوب والعواري والودائع والبيوع الفاسدة ونحوها والثالث أنه محمول على البيع قبل القبض .
وهذه الأجوبة فاسدة أما الأول فإن كل حديث أصل برأسه فلا يجوز أن يعترض عليه بسائر الأصول المخالفة له وقد ينقض ملك المالك في غير موضع كالشفعة والطلاق قبل الدخول بعد أن ملكت الصداق وتقديم صاحب الرهن على الغرماء واختلاف المتبايعني وتعجيز المكاتب وغير ذلك وقد أخذت الحنفية بحديث القهقهة في الصلاة مع كونه مخالفا للأصول وضعفه أيضا وأما الثاني فيبطله قوله أيما امرىء أفلس فإن المغصوب منه ومن ذكر معه أحق بمتاعه من المفلس وغيره وأما الثالث فيبطله ووجد الرجل سلعته عنده وهي قبل القبض ليست عند المفلس ولا يقال وجدها صاحبها وأدركها وهي عنده .
قلت هؤلاء كلهم صدروا عن مكرع واحد أما القرطبي والنووي فإنهما ادعيا بأن تأويل الحنفية ضعيف مردود ولم يبينا وجه ذلك وأما ابن بطال فإنه قال الحنفية دفغوا حديث المفلس بالقياس ولا مدخل للقياس إلا إذا عدمت السنة وليس كما قال لأنهم ما دفعوا الحديث بالقياس بل عملوا بهما أما عملهم بالحديث فظاهر قطعا لأنه قال من أدرك ماله بعينه وإدراك المال بعينه لا يتصور إلا فيما قالوا نحو الغصوب والعواري والودائع ونحو ذلك لأن ماله في هذه الأشياء محقق ولم يخرج عن ملكه بوجه من الوجوه فلا يشاركه فيه أحد وأما عملهم بالقياس فظاهر قطعا أيضا لأن المبيع خرج عن ملك البائع ودخل في ملك المشتري فإن لم يكن الثمن مقبوضا فكيف يجوز تخصيص البائع به ومنع تشريك غيره من أصحاب الحقوق التي هي متعلقة بذمة المشتري فهذا لا يقبله النقل والقاس على أنه نقل عن إمامه مالك بن أنس أن القياس مقدم على خبر الواحد حيث يقول إن القياس حجة بإجماع الصحابة وفي اتصال خبر الواحد بالنبي احتمال وكان القياس الثابت بالإجماع اقوى ونحن نقول اجماع الصحابة على التقديم خبر الواحد على القياس وخبر الواحد حجة بالإجماع والشبهة بالقياس في الأصل وفي الخبر في الاتصال فيرجع الخبر عليه ودعواه بأن تأويل الكوفيين فاسد لأنه جعل لصاحب المتاع إذا وجده بعينه فاسدة لأنا لا نكرر جعله لصاحب المتاع إذا وجده بعينه فكل من كان صاحب المتاع فله الرجوع والبائع هنا خرج عن كونه صاحب المتاع لأن المتاع خرج من ملكه وتبدل الصفة هنا كتبدل الذات فصار المبيع غير ماله وقد كان عين ماله أولا .
فإن قلت أنت ذكرت عقيب ذكر الحديث أن أحاديث الباب تدل على أن حديث الباب وارد في البيع ثم ذكرت عن مسلم وغيره ما يدل على ذلك قلت إنما ذكرت ذلك لأجل بيان ترجمة البخاري حيث قال باب إذا وجد ماله عند مفلس في البيع إلى آخره وذلك أن مذهبه مثل مذهب من يجعل البائع أسوة الغرماء فذكرت ما ذكرت لأجل بيان ذلك ولأجل المطابقة بين الترجمة والحديث .
وأما حديث أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث فإنه مضطرب لأن مالكا رواه في ( موطئه ) عن الزهري عن أبي بكر بن عبد الرحمن عن النبي مرسلا وقال أبو داود هو أصح ممن رواه عن مالك مسندا وقال الدارقطني ولا يثبت هذا عن الزهري مسندا وإنما هو مرسل وقال أبو عمر كذا هو مرسل في جميع ( الموطآت ) التي رأينا وكذلك رواه جماعة الرواة عن مالك فيما علمنا مرسلا إلا عبد الرزاق فإنه رواه عن مالك عن الزهري عن أبي بكر عن أبي هريرة فأسنده وقد اختلف في ذلك عن عبد الرزاق قلت المرسل حجة عندكم قلت نعم ولكن المسند أقوى لأن عدالة الراوي شرط قبول الحديث وهي معلومة في المسند بالتصريح وفي المرسل مشكوكة أو معلومة بالدلالة والصريح أقوى من الدلالة والعجب من هؤلاء أنهم لا يرون المرسل حجة ثم يعملون به في مواضع وأما قول صاحب ( التوضيح ) تعلق أبو حنيفة بشيء يروى عن علي وابن مسعود وليس بثابت عنهما ليس كذلك لأنا قد ذكرنا فيما مضى أن قتادة روى عن خلاس بن عمرو عن علي رضي الله تعالى عنه أنه أسوة الغرماء إذا وجدها بعينه وصححه ابن حزم وأما نقلهم عن الحنفية بأنهم قالوا