4 - .
( باب استقراض الإبل ) .
أي هذا باب في بيان جواز استقراض الإبل وهذه الترجمة على ما ذهب إليه من جواز استقراض الحيوان وهو مذهب الأوزاعي والليث بن سعد أيضا وبه قال مالك والشافعي وأحمد وإسحاق وقال الثوري والحسن ابن صالح وأبو حنيفة وأصحابه لا يجوز استقراض الحيوان واحتج المجوزون بحديث الباب وقد مر الكلام فيه في الوكالة .
0932 - حدثنا ( أبو الوليد ) حدثنا ( شعبة ) أخبرنا ( سلمة بن كهيل ) قال سمعت ( أبا سلمة ببيتنا ) يحدث عن ( أبي هريرة ) رضي الله تعالى عنه أن رجلا تقاضى رسول الله فأغلظ له فهم أصحابه فقال دعوه فإن لصاحب الحق مقالا واشتروا له بعيرا فأعطوه إياه وقالوا لا نجد إلا أفضل من سنه قال اشتروه فأعطوه إياه فإن خيركم أحسنكم قضاء .
مطابقته للترجمة من حيث إن فيه دفع الحيوان عوض الحيوان فإن قلت ظاهر الحديث لا يدل على أن النبي افترض من الرجل سنا ولم يبين في هذا بصورة القرض صريحا حتى يقال إنه يدل على جواز استقراض الحيوان ولهذا جاء في رواية مسلم في هذا الحديث قال أبو هريرة كان لرجل على رسول الله حق فأغلظ له الحديث والحق أعم من القرض وكذلك في رواية الطحاوي في هذا الحديث كان لرجل على النبي دين فتقاضاه الحديث والدين يشمل القرض وغيره قلت صرح في رواية الترمذي فيه فقال أبو هريرة استقرض رسول الله سنا فأعطاه سنا خيرا من سنه وجاء في رواية لمسلم من حديث أبي رافع أن رسول الله استسلف من رجل بكرا الحديث وفي رواية النسائي عن أبي هريرة قال كان لرجل على النبي سن من الإبل الحديث والأحاديث يفسر بعضها بعضا فدل أن رسول الله اقترض بعيرا ثم أعطى عوضه بعيرا أحسن منه فدل على جواز الاستقراض في الحيوان وقد أجاب المانعون من استقراض الحيوان بما ذكرناه فيما مضى في وكالة الشاهد والغائب جائزة ذكره في الوكالة فإنه أخرجه هناك عن أبي نعيم عن سفيان عن سلمة عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال كان رجل الحديث وهنا أخرجه عن أبي الوليد هشام بن عبد الملك الطيالسي عن شعبة بن الحجاج إلى آخره ومضى الكلام فيه مستوفى هناك .
قوله بينا يحدث قد ذكرنا غير مرة أن بينا وبينما ظرفا زمان بمعنى المفاجأة يضافان إلى جملة ورأيت في نسخة صحيحة مقروءة سمعت أبا سلمة بمنى يحدث وعلى هامشها سمعت أبا سلمة ببيتنا يحدث ولم ألتزم صحة هذين والله أعلم قوله تقاضى أي طلب قضاء الدين من رسول الله قوله فأغلظ له يحتمل إغلاظه في طلب حقه وتشدده فيه لا في كلام مؤذ يسمعه إياه فإن ذلك كفر ممن فعله مع النبي وقد يكون القائل بهذا غير مسلم من اليهود كما جاء مفسرا منهم في غير هذا الحديث لكن جاء في رواية عبد الرزاق أنه كان أعرابيا فكأنه جرى على عادته من جفائه وغلظه في الطلب قوله فهم به أصحابه أي عزموا أن يوقعوا به فعلا قوله دعوه أي اتركوه وهو أمر من يدع قوله اشتروا له بعيرا وفي رواية عبد الرزاق التمسوا له مثل سن بعيره قوله من سنه السن هي المعروفة ثم سمى بها صاحبها فإن قلت في حديث مسلم عن أبي رافع أن رسول الله استسلف من رجل بكرا فقدمت عليه إبل من إبل الصدقة فأمر أبا رافع أن يقضي الرجل بكره فرجع إليه أبو رافع فقال لم أجد فيها إلا جملا خيارا رباعيا فقال أعطه إياه إن خيار الناس أحسنهم قضاء انتهى فكيف الجمع بين الروايتين قلت أمر بالشراء أولا ثم قدمت إبل الصدقة فأعطاه منها أو أمره بالشراء من إبل الصدقة ممن استحق منها شيئا ويؤيده رواية ابن خزيمة استسلف من رجل بكرا فقال إذا جاءت إبل الصدقة قضيناك قوله فإن خيركم أي أخيركم فالخير والشر يستعملان للتفضيل على لفظهما بمعنى الأخير والأشر والله أعلم