يكن لهم في أرضها شيء وإنما هم أهل جزية وإنما معناه عند علمائنا إقطاع مال من جزيتهم يأخذونه يقال منه أقطع بالألف وأصله من القطع كأنه قطعه له من جملة المال وقد جاء في حديث بلال بن الحارث أخرجه أحمد من رواية كثير بن عبد الله عن عمرو بن عوف عن أبيه عن جده ومن حديث عكرمة عن ابن عباس عن النبي أنه أقطعه معادن القبلية والقبلية بفتح الباء الموحدة نسبة إلى قبل بفتح القاف والباء وهي ناحية من سواحل البحر بينهما وبين المدينة خمسة أيام وقيل هي من ناحية الفرع وهو موضع بين نخلة والمدينة هذا هو المحفوظ وفي كتاب ( الأمكنة ) معادن القلبية بكسر القاف وبعدها لام مفتوحة ثم باء و البحرين على صيغة التثنية للبحر وهي من ناحية نجد على شطر بحر فارس وهي ديار القرامطة ولها قرى كثيرة وهي كثيرة التمور قوله حتى تقطع غاية لفعل مقدر أي لا تقطع لنا حتى تقطع لإخواننا المهاجرين قوله مثل الذي تقطع لنا وزاد في رواية البيهقي فلم يكن ذلك عنده يعني بسبب قلة الفتوح يومئذ وقال ابن بطال معناه أنه لم يرد فعل ذلك لأنه كان أقطع المهاجرين أرض بني النضير قوله أثرة بفتح الهمزة والثاء المثلثة ويروى بضم الهمزة وإسكان الثاء وقال ابن قرقول وبالوجهين قيده الجياني والوجهان صحيحان قال ويقال أيضا أثرة بكسر الهمزة وسكون الثاء قال الأزهري وهو الاستيثار أي يستأثر عليكم بأمور الدنيا ويفضل عليكم غيركم وعن أبي علي القالي الأثرة الشدة وفي الكتاب ( الواعي ) عن ثعلب الأثرة بالضم خاصة الحدب والحال غير المرضية وعن غيره التفضيل في العطاء وجمع الأثرة أثر وروى الإسماعيلي ستلقون بعدي أثرة للأنصار ورواها البخاري عن أسيد بن حضير في مناقب الأنصار وعن عبد الله بن زيد بن عاصم في غزوة الطائف وعن أنس بن مالك بزيادة أثرة شديدة فاصبروا حتى تلقوا الله ورسوله فإني على الحوض وقالوا هذا يدل على أن الخلافة لا تكون فيهم ألا ترى أنه جعلهم تحت الصبر إلى يوم القيامة والصبر لا يكون إلا من مغلوب محكوم عليه .
ذكر ما يستفاد منه فيه جواز إقطاع الإمام من الأراضي التي تحت يده لمن شاء من الناس ممن يراه أهلا لذلك قال الخطابي وذهب أهل العلم إلى أن أهل العامر من الأرض للحاضر النفع والأصول من الشجر كالنخل وغيرها وأما المياه التي في العيون والمعادن الظاهرة كالملح والقير والنفط ونحوها لا يجوز إقطاعها وذلك أن الناس كلهم شركاء في الملح والماء وما في معناهما مما يستحقه الأخذ له بالسبق إليه فليس لأحد أن يحتجرها لنفسه أو يحتظر منافعها على أحذ من شركائه المسلمين وأما المعادن التي لا يتوصل إلى نيلها ونفعها إلا بكدوح واعتمال واستخراج لما في بطونها فإن ذلك لا يوجب الملك البات ومن اقتطع شيئا منها كان له ما دام يعمل فيه فإذا قطع العمل عاد إلى أصله فكان للإمام إقطاعه غيره وفيه من أعلام نبوته حيث ما أخبره بقوله سترون بعدي أثرة .
51 - .
( باب كتابة القطائع ) .
أي هذا باب في بيان كتابة القطائع لمن أقطع الإمام أرضا من الأراضي ليكون وثيقة بيده حتى لا ينازعه أحد