بطال فإن قيل كيف يأتون غرا والمرتد لا غرة له فالجواب أن النبي قال تأتي كل أمة فيها منافقوها وقد قال الله تعالى يوم يقول المنافقون والمنافقات للذين آمنوا انظرونا نقتبس من نوركم فصح أن المؤمنين يحشرون وفيهم المنافقون الذين كانوا معهم في الدنيا حتى يضرب بينهم بسور والمنافق لا غرة له ولا تحجيل لكن المؤمنون سموا غرا بالجملة وإن كان المنافق في خلالهم وقال ابن الجوزي فإن قيل كيف خفي حالهم على سيدنا رسول الله وقد قال تعرض علي أعمال أمتي فالجواب أنه إنما تعرض أعمال الموحدين لا المنافقين والكافرين .
16 - ( حدثنا عبد الله بن محمد قال أخبرنا عبد الرزاق قال أخبرنا معمر عن أيوب وكثير بن كثير يزيد أحدهما على الآخر عن سعيد بن جبير قال قال ابن عباس Bهما قال النبي يرحم الله أم إسماعيل لو تركت زمزم أو قال لو لم تغرف من الماء لكانت عينا معينا وأقبل جرهم فقالوا أتأذنين أن ننزل عندك قالت نعم ولا حق لكم في الماء قالوا نعم ) .
مطابقته للترجمة تؤخذ من قولها لجرهم ولا حق لكم في الماء لأنها أحق من غيرها وقال الخطابي فيه أن من أنبط ماء في فلاة من الأرض ملكه ولا يشاركه غيره فيه إلا برضاه إلا أنه لا يمنع فضله إذا استغنى عنه وإنما شرطت هاجر عليهم أن لا يتملكوه قوله وعبد الله بن محمد بن عبد الله أبو جعفر البخاري المعروف بالمسندي وهو من أفراده وأيوب هو السختياني وكثير بن كثير ضد القليل في اللفظين ابن المطلب السهمي وهو عطف على أيوب قيل يلزم أن يكون كل منهما مزيدا أو مزيدا عليه أجيب نعم باعتبارين والحديث أخرجه البخاري أيضا مطولا في أحاديث الأنبياء عليهم الصلاة والسلام وفيه أيضا عن أبي عامر وأخرجه النسائي في المناقب عن محمد بن عبد الأعلى ومحمد بن عبد الله بن المبارك عن أبي عامر العقدي وعثمان بن عمر كلاهما عن إبراهيم بن نافع قوله أم إسماعيل هي هاجر وكان إبراهيم سار إلى مصر لما وقع القحط بالشام للميرة ومعه سارة ولوط عليهما الصلاة والسلام وكان بها أول الفراعنة سنان بن علوان بن عبيد بن عويج بن عملاق بن لاود بن سام بن نوح وقيل غير ذلك وكانت سارة من أجمل النساء وجرى ما جرى بينه وبين إبراهيم بسبب سارة على ما ذكره أهل السير فآخر الأمر نجى الله سارة من هذا الفرعون فأخدمها هاجر واختلف فيها فقال مقاتل كانت من ولد هود وقال الضحاك كانت بنت ملك مصر وكان ساكنا بمنف فغلبه ملك آخر فقتله وسبى ابنته فاسترقها ووهبها لسارة ثم وهبتها سارة لإبراهيم فواقعها فولدت إسماعيل ثم حمل إبراهيم إسماعيل وأمه هاجر إلى مكة وذلك لأمر يطول ذكره ومكة إذ ذاك عضاه وسلم وسمر فأنزلهما في موضع الحجر وكان مع هاجر شنة ماء وقد نفد فعطشت وعطش الصبي فنزل جبريل وجاء بهما إلى موضع زمزم فضرب بعقبه ففارت عين فلذلك يقال لزمزم ركضة جبريل فلما نبع الماء أخذت هاجر شنتها وجعلت تستقي فيها تدخره وهي تفور قال يرحم الله أم إسماعيل لو تركت زمزم لكانت عينا معينا فشربت وقال لها جبريل لا تخافي الظمأ على أهل هذه البلدة فإنها عين ستشرب منها ضيفان الله وإن ههنا بيت الله يبني هذا الغلام وأبوه فكان كذلك حتى مرت رفقة من جرهم تريد الشام مقبلين من طريق كذا فنزلوا في أسفل مكة فرأوا طائرا على الجبل فقالوا إن هذا الطائر ليدور على الماء وعهدنا بهذا الوادي وما فيه ماء فأشرفوا فإذا هم بالماء فقالوا لهاجر إن شئت كنا معك وانسناك والماء ماؤك فأذنت لهم فنزلوا هناك فهم أول سكان مكة فكانوا هناك حتى شب إسماعيل وماتت هاجر فتزوج إسماعيل امرأة منهم يقال لها الجداء ابنة سعد العملاقي وأخذ لسانهم فتعرب بهم وحكايته طويلة ليس هذا موضع بسطها .
ثم اعلم أن جرهم صنفان الأولى كانوا على عهد عاد فبادوا ودرست أخبارهم وهم من العرب البائدة وجرهم الثانية من ولد جرهم بن قطحان وكان جرهم أخا يعرب بن قحطان فملك يعرب اليمن وملك أخوه جرهم الحجاز وقال الرشاطي