بنصب اللام على أنه صفة لمصدر محذوف أي بلغ هذا مبلغا مثل الذي بلغ بي وضبطه الحافظ الدمياطي بخطه بضم مثل قال بعضهم ولا يخفى توجيهه قلت كأنه لم يقف على توجيهه وهو أن يكون لفظ هذا مفعول بلغ وقوله مثل الذي بلغ بي فاعله فارتفاعه حينئذ على الفاعلية قوله فملأ خفه فيه محذوف قبله تقديره فنزل في البئر فملأ خفه وفي رواية ابن حبان فنزع أحد خفيه قوله ثم أمسكه بفيه أي بفمه وإنما أمسك خفه بفمه لأنه كان يعالج بيديه ليصعد من البئر فدل هذا أن الصعود منها كان عسرا قوله ثم رقي بفتح الراء وكسر القاف على مثال صعد وزنا ومعنى يقال رقيت في السلم بالكسر إذا صعدت وذكره ابن التين بفتح القاف على مثال مضى وأنكره وقال عياض في ( المشارق ) هي لغة طيىء يفتحون العين فيما كان من الأفعال معتل اللام والأول أفصح وأشهر قوله فسقى الكلب وفي رواية عبد الله بن دينار عن أبي صالح حتى أرواه من الإرواء من الري وقد مضت هذه الرواية في كتاب الوضوء في باب الماء الذي يغسل به شعر الإنسان فإنه أخرجه هناك عنه إسحاق عن عبد الصمد عن عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار عن أبيه عن أبي صالح عن أبي هريرة عن النبي أن رجلا رأى كلبا يأكل الثرى من العطش فأخذ الرجل خفه فجعل يغرف له به حتى أرواه فشكر الله له حتى أدخله الجنة قوله فشكر الله له أي أثنى عليه أو قبل عمله فغفر له فالفاء فيه للسببية أي بسبب قبول عمله غفر له كما في قولك إن يسلم فهو في الجنة أي بسبب إسلامه هو في الجنة ويجوز أن تكون الفاء تفسيرية تفسير قوله فشكر الله له لأن غفرانه له هو نفس الشكر كما في قوله تعالى فتوبوا إلى بارئكم فاقتلوا أنفسكم ( البقرة 45 ) على قول من فسر التوبة بالقتل وقال القرطبي معنى قوله فشكر الله له أي أظهر ما جازاه به عند ملائكته وقال بعضهم هو من عطف الخاص على العام قلت لا يصح هذا هنا لأن شكر الله لهذا الرجل عبارة عن مغفرته إياه كما ذكرناه قوله قالوا أي الصحابة من جملتهم سراقة بن مالك ابن جعشم روى حديثه ابن ماجه حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال حدثنا عبد الله بن نمير قال حدثنا محمد بن إسحاق عن الزهري عن عبد الرحمن بن مالك بن جعشم عن أبيه عن عمه سراقة بن مالك بن جعشم قال سألت النبي عن الضالة من الإبل تغشى حياضي قد لطتها لإبلي فهل لي من أجر إن سقيتها فقال نعم في كل ذات كبد حرى أجر قوله وإن لنا هو معطوف على شيء محذوف تقديره الأمر كما ذكرت وإن لنا في البهائم أجرا أي في سقيها أو في الإحسان إليها قوله في كل كبد يجوز فيه ثلاثة أوجه فتح الكاف وكسر الباء وفتح الكاف وسكون الباء للتخفيف كما قالوا في الفخذ فخذ وكسر الكاف وسكون الباء وقال أبو حاتم الكبد يذكر ويؤنث ولهذا قال رطبة والجمع أكباد وأكبد وكبود وقال الداودي يعني كبد كل حي من ذوات الأنفس والمراد بالرطبة رطوبة الحياة أو هو كناية عن الحياة قوله أجر مرفوع على الابتداء وخبره مقدما قوله في كل كبد تقديره أجر حاصل أو كائن في إرواء كل ذي كبد حي وأبعد الكرماني في سؤاله هنا حيث يقول الكبد ليست ظرفا للأجر فما معنى كلمة الظرفية ثم قال تقديره الأجر ثابت في إرواء أو في رعاية كل حي وجه الإبعاد أن كل من شم شيئا من علم العربية يعرف أن الجار والمجرور لا بد أن يتعلق بشيء إما ظاهرا أو مقدرا فإذا لم يصلح المذكور أن يتعلق به يقدر لفظ كائن أو حاصل أو نحوهما فلا حاجة إلى السؤال والجواب ثم قال أو الكلمة للسببية يعني كلمة في للسببية كما في قوله في النفس المؤمنة مائة إبل أي بسبب قتل النفس المؤمنة ومع هذا المتعلق محذوف أي بسبب قتل النفس المؤمنة الواجب مائة إبل وكذلك التقدير هنا بسبب إرواء كل كبد أجر حاصل وقال الداودي هذا عام في جميع الحيوانات وقال أبو عبد الملك هذا الحديث كان في بني إسرائيل وأما الإسلام فقد أمر بقتل الكلاب فيه وأما قوله في كل كبد فمخصوص ببعض البهائم مما لا ضرر فيه لأن المأمور بقتله كالخنزير لا يجوز أن يقوى ليزداد ضرره وكذا قال النووي إن عمومه مخصوص بالحيوان المحترم وهو ما لم يؤمر بقتله فيحصل الثواب بسقيه ويلتحق به إطعامه وغير ذلك من وجوه الإحسان إليه قلت القلب الذي فيه الشفقة والرحمة يجنح إلى قول الداودي وفي القلب من قول أبي عبد الملك حزازة ويتوجه الرد على كلامه من وجوه الأول قوله كان في بني إسرائيل لا دليل عليه فما المانع أن أحدا من هذه الأمة قد فعل هذا وكوشف للنبي بذلك وأخبره بذلك حثا لأمته على فعل ذلك وصدور هذا الفعل من أحد من أمته يجوز أن يكون في زمنه ويجوز أن يكون بعده بأن يفعل أحد