فهي لبيان العاقبة والمآل كما في قوله تعالى فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدوا وحزنا ( القصص 8 ) قوله الكلأ بفتح الكاف واللام وبالهمزة العشب سواء كان يابسا أو رطبا وفي ( المحكم ) هو اسم للنوع ولا واحد له ومعنى هذا الكلام ما قاله الخطابي هذا في الرجل يحفر البئر في الموات فيملكها بالإحياء وبقرب البئر موات فيه كلأ ترعاه الماشية ولا يكون لهم مقام إذا منعوا الماء فأمر صاحب الماء أن لا يمنع الماشية فضل مائة لئلا يكون مانعا للكلأ قلت توضيح ذلك الذي عليه الجمهور أن يكون حول بئر رجل كلأ ليس عنده ماء غيره ولا يمكن أصحاب المواشي رعيه إلا إذا مكنوا من سقي بهائمهم من تلك البئر لئلا يتضرروا بالعطش بعد الرعي فيستلزم منعهم من الماء منعهم من الرعي وعلى هذا يختص البذل بمن له ماشية ويلحق به الرعاة إذا احتاجوا إلى الشرب لأنهم إذا منعوا منه امتنعوا من الرعي هناك وقال ابن بزيزة منع الماء بعد الري من الكبائر ذكره يحيى في ( خراجه ) .
4532 - حدثنا ( يحيى بن بكير ) قال حدثنا ( الليث ) عن ( عقيل ) عن ( ابن شهاب ) عن ( ابن المسيب وأبي سلمة ) عن ( أبي هريرة ) رضي الله تعالى عنه أن رسول الله قال لا تمنعوا فضل الماء لتمنعوا به فضل الكلأ ( انظر الحديث 3532 وطرفه ) .
مطابقته للترجمة مثل مطابقة الحديث السابق ورجاله قد ذكروا غير مرة وعقيل بضم العين ابن خالد الأيلي ويروي عن محمد بن مسلم بن شهاب عن سعيد بن المسيب وأبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة .
والحديث أخرجه مسلم من رواية هلال بن أسامة عن أبي سلمة عن أبي هريرة بلفظ لا يباع فضل الماء ليباع به الكلأ وأخرجه أبو داود من رواية جرير عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة بلفظ لا يمنع فضل الماء ليمنع به الكلأ وأخرجه الترمذي من رواية الليث عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة نحو رواية أبي داود .
واختلف العلماء في أن هذا النهي للتحريم أو التنزيه فقال الطيبي وبنوا ذلك على أن الماء يملك أم لا فالأولى حمله على الكراهة وفي ( التوضيح ) والنهي فيه على التحريم عند مالك والأوزاعي ونقله الخطابي وابن التين عن الشافعي رضي الله تعالى عنه واستحبه بعضهم وحمله على الندب والأصح عندنا أنه يجب بذله للماشية لا للزرع قلت كذلك مذهب الحنفية الاختصاص بالماشية وفرق الشافعي فيما حكاه المزني عنه بين المواشي والزرع بأن الماشية ذات أرواح يخشى من عطشها موتها بخلاف الزرع .
ولا خلاف بين العلماء أن صاحب الماء أحق به حتى يروى لأنه نهى عن بيع فضل الماء فأما من لا يفضل له فلا يدخل في هذا النهي لأن صاحب الشيء أولى به وتأويل المنع عند مالك في ( المدونة ) وغيره معناه في آبار الماشية في الصحراء يحفرها المرء وبقربها كلأ مباح فإذا منع الماء اختص بالكلأ فأمر أن لا يمنع فضل الماء لئلا يكون مانعا للكلأ وقال القاضي في ( إشرافه ) في حافر البئر في الموات لا يجوز له منع ما زاد على قدر حاجته لغيره بغير عوض وقال قوم يلزمه بالعوض أما حافرها في ملكه فله منع ما عمل من ذلك ويكون أحق بمائها حتى يروى ويكون للناس ما فضل إلا من مر بهم لشفاههم ودوابهم فإنهم لا يمنعون كما يمنع من سواهم وقال الكوفيون له أن يمنع من دخول أرضه وأخذ مائه لا أن لا يكون لشفاههم ودوابهم ماء فيسقيهم وليس عليه سقي زرعهم وقال الطيبي ناقلا عن القاضي بعلامة ( قض ) اختلفت الروايات في هذا الحديث فروى البخاري لا تمنعوا فضل الماء لتمنعوا به فضل الكلأ معناه من كان له بئر في موات من الأرض لا يمنع ماشية غيره أن ترد فضل مائه الذي زاد على ما احتاج إليه ليمنعها بذلك عن فضل الكلأ فإنه إذا منعهم عن فضل ماء من الأرض لا ماء بها ( ما شيته ) سواه لم يمكن لهم الرعي بها فيصير الكلأ ممنوعا بمنع الماء وروى مسلم لا يباع فضل الماء ليمنع به الكلأ والمعنى لا يباع فضل الماء ليباع به الكلأ أي لا يباع فضل الماء ليصير به البائع له كالبائع للكلأ فإن من أراد الرعي في حوالي مائه إذا منعه من الورود على مائه إلا بعوض اضطر إلى شرائه فيكون بيعه للماء بيعا للكلأ وقال النووي لا يجب على صاحب البئر بذل الفاضل عن حاجته لزرع غيره فيما يملكه من