أو أم مبشر الأنصارية في نخل لها فقال لها النبي من غرس هذا النخل أمسلم أم كافر فقالت بل مسلم فقال لا يغرس مسلم غرسا ولا يزرع زرعا فيأكل منه ( إنس ) ان ولا دابة ولا شيء إلا كانت له صدقة وأخرجه أيضا من رواية زكريا بن إسحاق أخبرني عمرو بن دينار أنه سمع جابر بن عبد الله يقول دخل النبي على أم معبد ولم يشك فذكر نحوه قلت أم مبشر هذه هي امرأة زيد بن حارثة كما ورد في ( الصحيح ) في بعض طرق الحديث وقال أبو عمرو يقال إنها أم بشر بنت البرار بن معرور وقال النووي ويقال إن فيها أيضا أم بشير قال فحصل أنه يقال لها أم مبشر وأم معبد وأم بشير قيل اسمها خليدة بضم الخاء ولم يصح وأما حديث زيد بن خالد .
وقال شيخنا في شرح هذا الحديث وفي الباب مما لم يذكره الترمذي عن أبي الدرداء والسائب بن خلاد ومعاذ بن أنس وصحابي لم يسم وأما حديث أبي الدرداء فرواه أحمد في ( مسنده ) عنه أن رجلا مر به وهو يغرس غرسا بدمشق فقال أتفعل هذا وأنت صاحب رسول الله قال لا تعجل علي سمعت رسول الله يقول من غرس غرسا لم يأكل منه آدمي ولا خلق من خلق الله إلا كان له به صدقة وأما حديث السائب بن خلاد فأخرجه أحمد أيضا من رواية خلاد بن السائب عن أبيه قال قال رسول الله من زرع زرعا فأكل منه الطير أو العافية كان له صدقة وأما حديث معاذ بن أنس فأخرجه أحمد أيضا عنه عن رسول الله أنه قال من بنى بيتا في غير ظلم ولا اعتداء أو غرس غرسا في غير ظلم ولا اعتداء كان له أجرا جاريا ما انتفع من خلق الرحمن تبارك وتعالى أحد ورواه ابن خزيمة في كتاب التوكل وأما حديث الصحابي الذي لم يسم فرواه أحمد أيضا من رواية فنج بفتح الفاء وتشديد النون وبالجيم قال كنت أعمل في الدينباد وأعالج فيه فقدم يعلى بن أمية أميرا على اليمن وجاء معه رجال من أصحاب النبي فجاءني رجل ممن قدم معه وأنا في الزرع وفي كمه جوز فذكر الحديث وفيه فقال رجل سمعت رسول الله بأذني هاتين يقول من نصب شجرة فصبر على حفظها والقيام عليها حتى تثمر كان له في كل شيء يصاب من ثمرها صدقة عند الله D قلت وعند يحيى بن آدم حدثنا عبد السلام بن حرب حدثنا إسحاق بن أبي فروة عن عبد العزيز بن أبي سلمة عن أبي أسيد يرفعه من زرع زرعا أو غرس غرسا فله أجر ما أصابت منه العوافي وذكر علي بن عبد العزيز في ( المنتخب ) بإسناد حسن عن أنس رضي الله تعالى عنه قال رسول الله إن قامت الساعة وبيد أحدكم فسيلة فاستطاع أن لا تقوم حتى يغرسها فليغرسها .
ذكر ما يستفاد منه فيه فضل الغرس والزرع واستدل به بعضهم على أن الزراعة أفضل المكاسب واختلف في أفضل المكاسب فقال النووي أفضلها الزراعة وقيل أفضلها الكسب باليد وهي الصنعة وقيل أفضلها التجارة وأكثر الأحاديث تدل على أفضلية الكسب باليد وروى الحاكم في ( المستدرك ) من حديث أبي بردة قال سئل رسول الله أي الكسب أطيب قال عمل الرجل بيده وكل بيع مبرور وقال هذا حديث صحيح الإسناد وقد يقال هذا أطيب من حيث الحل وذاك أفضل من حيث الانتفاع العام فهو نفع متعد إلى غيره وإذا كان كذلك فينبغي أن يختلف الحال في ذلك باختلاف حاجة الناس فحيث كان الناس محتاجين إلى الأقوات أكثر كانت الزراعة أفضل للتوسعة على الناس وحيث كانوا محتاجين إلى المتجر لانقطاع الطرق كانت التجارة أفضل وحيث كانوا محتاجين إلى الصنائع أشد كانت الصنعة أفضل وهذا حسن وفيه أن الثواب المترتب على أفعال البر في الآخرة يختص بالمسلم دون الكافر لأن القرب إنما تصح من المسلم فإن تصدق الكافر أو بنى قنطرة للمارة أو شيئا من وجوه البر لم يكن له أجر في الآخرة وورد في حديث آخر أنه يطعم في الدنيابذلك ويجازى به من دفع مكروه عنه ولا يدخر له شيء منه في الآخرة فإن قلت قوله في بعض طرق هذا الحديث ما من عبد وهو يتناول المسلم والكافر قلت يحمل المطلق على المقيد وفيه أن المرأة تدخل في قوله ما من مسلم لأن هذا اللفظ من الجنس الذي إذا كان الخطاب به يدخل فيه المرأة لأنه لم يرد بهذا اللفظ أن المسلمة إذا فعلت هذا الفعل لم يكن لها هذا الثواب بل المسلمة في هذا الفعل في استحقاق الثواب مثل المسلم سواء وفيه حصول الأجر للغارس والزارع وإن لم يقصدا ذلك حتى لو غرس وباعه أو زرع وباعه كان له بذلك صدقة لتوسعته على الناس في أقواتهم كما ورد الأجر للجالب وإن كان يفعله للتجارة والاكتساب فإن قلت في بعض طرق حديث جابر عند مسلم إلا كانت له صدقة إلى يوم القيامة فقوله إلى يوم القيامة هل يريد به أن أجره لا ينقطع إلى يوم القيامة وإن فني الزرع والغراس أو يريد ما بقي من ذلك الزرع والغراس منتفعا به وإن بقي إلى يوم القيامة قلت الظاهر أن المراد الثاني وزاد النووي