الحديث فإنه يكتب حديثه ويقبل إذا روى عنه ثقة وذكر المزي أن الشعبي سمع علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه ولئن سلمنا أن روايته مرسلة فقد قال العجلي مرسل الشعبي صحيح ولا يكاد يرسل إلا صحيحا وأما الجواب عن قوله ولو خاتما من جديد فنقول إنه خارج مخرج المبالغة كما قال تصدقوا ولو بظلف محرق وفي لفظ ولو بفرسن شاة وليس الظلف والفرسن مما ينتفع بهما ولا يتصدق بهما ويقال لعل الخاتم كان يساوي ربع دينار فصاعدا لأن الصواغ قليل عندهم كذا قاله بعض المالكية لأن أقل الصداق عندهم ربع دينار ويقال لعل التماسه للخاتم لم يكن ليكون كل الصداق بل شيء يعجله لها قبل الدخول .
الخامس عشر احتج به الشافعي وأحمد في رواية والظاهرية على أن التزويج على سورة من القرآن مسماة جائز وعليه أن يعلمها وقال الترمذي عقيب الحديث المذكور قد ذهب الشافعي إلى هذا الحديث فقال إن لم يكن شيء يصدقها وتزوجها على سورة من القرآن فالنكاح جائز ويعلمها السورة من القرآن وقال بعض أهل العلم النكاح جائز ويجعل لها صداق مثلها وهو قول أهل الكوفة وأحمد وإسحاق قلت وهو قول الليث بن سعد وأبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد ومالك وأحمد في أصح الروايتين وإسحاق وقال ابن الجووزي في هذا الحديث دليل على أن تعليم القرآن يجوز أن يكون صداقا وهي إحدى الروايتين عن أحمد والأخرى لا يجوز وإنما جاز لذلك الرجل خاصة وأجابوا عن قوله قد زوجناكها بما معك من القرآن أنه إن حمل على ظاهره يكون تزويجها على السورة لا على تعليمها فالسورة من القرآن لا تكون مهرا بالإجماع فحينئذ يكون المعني زوجتكها بسبب ما معك من القرآن وبحرمته وببركته فتكون الباء للسببية كما في قوله تعالى أنكم ظلمتم أنفسكم باتخاذكم العجل ( البقرة 45 ) وقوله تعالى فكلا أخذنا بذنبه ( العنكبوت 04 ) وهذا لا ينافي تسمية المال فإن قلت جاء في رواية على ما معك من القرآن وفي مسند أسد السنة مع ما معك من القرآن قلت أما على فإنه يجيء للتعليل أيضا كالباء كما في قوله تعالى ولتكبروا الله على ما هداكم ( البقرة 581 ) والمعني لهدايته إياكم ويكون المعني زوجتها لأجل ما معك من القرآن يعني لأجل حرمته وبركته ولا ينافي هذا أيضا تسمية المال وأما مع فإنها للمصاحبة والمعنى زوجتكها لمصاحبتك القرآن فالكل يعود إلى معنى واحد وهو أن التزويج إنما كان على حرمة السورة وبركتها لا أنها صارت مهرا لأن السورة من القرآن لا تكون مهرا بالإجماع كما ذكرنا فإن قلت الأصل في الباء أن تكون للمقابلة في مثل هذا الموضع كما في نحو قولك بعتك ثوبي بدينار قلت لا نسلم أن الأصل في الباء أن تكون للمقابلة بل الأصل فيها أنها موضوعة للإلصاق حتى قيل إنه معنى لا يفارقها ولو كانت للمقابلة ههنا للزم أن تكون تلك المرأة كالموهوبة وذلك لا يجوز إلا للنبي لأن في إحدى روايات البخاري فقد ملكتكها بما معك من القرآن فالتمليك هبة والهبة في النكاح اختص بها النبي لقوله تعالى خالصة لك من دون المؤمنين ( الأحزاب 05 ) فإن قلت معنى قوله زوجتكها بما معك من القرآن بأن تعلمها ما معك من القرآن أو مقدارا منه ويكون ذلك صداقها أي تعليمها إياه والدليل على ذلك ما جاء في رواية لمسلم انطلق فقد زوجتكها فعلمها من القرآن وجاء في رواية عطاء فعلمها عشرين آية قلت هذا عدول عن ظاهر اللفظ بغير دليل ولئن سلمنا هذا فهذا لا ينافي تسمية المال فيكون قد زوجها منه مع تحريضه على تعليم القرآن ويكون ذلك المهر مسكوتا عنه إما لأنه قد أصدق عنه كما كفر عن الواطىء في رمضان إذ لم يكن عنده شيء وودى المقتول بخيبر إذ لم يخلف أهله كل ذلك رفقا بأمته ورحمة لهم أو يكون أبقى الصداق في ذمته وأنكحها نكاح تفويض حتى يتفق له صداق أو حتى يكسب بما معه من القرآن صداقا فعلى جميع التقدير لم يكن فيه حجة على جواز النكاح بغير صداق من المال .
السادس عشر فيه أنه لا بأس بلبس خاتم الحديد وقد اختلفوا فيه فقال بعض الشافعية إنه لا يكره لهذا الحديث ولحديث معيقيب كان خاتم النبي من حديد ملوي عليه فضة رواه أبو داود وذهب آخرون إلى تحريمه وتحريم الخاتم النحاس أيضا لحديث أن رجلا جاء إلى النبي وعليه خاتم من شبه قال مالي أجد منك ريح الأصنام فطرحه ثم جاء وعليه خاتم من حديد فقال ما لي أرى عليك حلية أهل النار فطرحه رواه أبو داود أيضا .
السابع عشر استدل