المنع وذهب ابن أبي هريرة إلى جواز الإجارة عليه وهو قول مالك وإنما يجوز عندهم إذا استأجره على نزوات معلومة وعلى مدة معلومة فإن آجره على الطرق حتى يحمل لم يصح ورخص فيه الحسن وابن سيرين وقال عطاء لا بأس به إذا لم يجد ما يطرقه .
وقال ابن بطال اختلف العلماء في تأويل هذا الحديث فكرهت طائفة أن يستأجر الفحل لينزيه مدة معلومة بأجر معلوم وذلك عن أبي سعيد والبراء وذهب الكوفيون والشافعي وأبو ثور إلى إنه لا يجوز واحتجوا بحديث الباب وروى الترمذي من حديث أنس أن رجلا من كلاب سأل رسول الله عن عسب الفحل فنهاه فقال يا رسول الله إنا نطرق الفحل فنركم فرخص في الكرامة ثم قال حسن غريب .
وفيه جواز قبول الكرامة على عسب الفحل وإن حرم بيعه وإجارته وبه صرح أصحاب الشافعي وقال الرافعي ويجوز أن يعطي صاحب الأنثى صاحب الفحل شيئا على سبيل الهدية خلافا لأحمد انتهى وما ذهب إليه أحمد قد حكي عن غير واحد من الصحابة والتابعين فروى ابن أبي شيبة في ( مصنفه ) بإسناده إلى مسروق قال سألت عبد الله عن السحت قال الرجل يطلب الحاجة فيهدى إليه فيقبلها وروي عن ابن عمر أن رجلا سأله أنه تقبل رجلا أي صمنه فأعطاه دراهم وحمله وكساه فقال أرأيت لو لم تقبله أكان يعطيك قال لا قال لا يصلح لك وروى أيضا عن أبي مسعود عقبة بن عمرو وأنه أتى إلى أهله فإذا هدية فقال ما هذا فقالوا الذي شفعت له فقال أخرجوها أتعجل أجر شفاعتي في الدنيا وروي عن عبد الله بن جعفر أنه كلم عليا في حاجة دهقان فبعث إلى عبد الله بن جعفر بأربعين ألفا فقال ردوها عليه فإنا أهل بيت لا نبيع المعروف وقد روي نحو هذا في حديث مرفوع رواه أبو داود في ( سننه ) من رواية خالد بن أبي عمران عن القاسم عن أبي أمامة عن النبي قال من شفع لأخيه شفاعة فأهدى له هدية عليها فقد أتى بابا عظيما من أبواب الربا وهذا معنى ما ورد كل قرض جر منفعة فهو ربا وروى ابن حبان في ( صحيحه ) من حديث أبي عامر الهوزني عن أبي كبشة الأنماري أنه أتاه فقال أطرقني فرسك فإني سمعت رسول الله يقول من أطرق فرسا فعقب له كان له كأجر سبعين فرسا حمل عليها في سبيل الله وإن لم يعقب كان له كأجر فرس حمل عليها في سبيل الله قوله أطرقني أي أعرني فرسك للإنزاء ثم الحكمة في كراهة إجارته عند من يمنعها أنها ليست من مكارم الأخلاق ومن جوزها من الشافعية والحنابلة بمدة معلومة قاسها على جواز الاستئجار لتلقيح النخل وهو قياس بالفارق لأن المقصود هنا ماء الفحل وصاحبه عاجز عن تسليمه بخلاف تلقيح النخل .
22 - .
( باب إذا استأجر أحد أرضا فمات أحدهما ) .
أي هذا باب يذكر فيه إذا استأجر أرضا فمات أحدهما أي أحد المتواجرين وليس هو بإضمار قبل الذكر لأن لفظ استأجر يدل على المؤجر وجواب إذا محذوف تقديره هل ينفسخ أم لا وإنما لم يجزم بالجواب للاختلاف فيه .
وقال ابن سيرين ليس لأهله أن يخرجوه إلى تمام الأجل .
أي قال محمد بن سيرين ليس لأهله أي لأهل الميت أن يخرجوه أي المستأجر إلى تمام الأجل أي المدة التي وقع العقد عليها قال الكرماني ليس لأهله إي لورثته أن يخرجوه أي عقد الاستئجار أي يتصرفوا في منافع المستأجر قلت قول الكرماني أي عقد الاستئجار بيان لعود الضمير المنصوب في أن يخرجوه إلى عقد الاستئجار وهذا لا معنى له بل الضمير يعود إلى المستأجر كما ذكرنا ولكن لم يمض ذكر المستأجر فكيف يعود إليه وكذلك الضمير في أهله ليس مرجعه مذكورا ففيهما إضمار قبل الذكر ولا يجوز أن يقال مرجع الضميرين يفهم من لفظ الترجمة لأن الترجمة وضعت بعد قول ابن سيرين هذا بمدة طويلة وليس كله كلاما موضوعا على نسق واحد حتى يصح هذا ولكن الوجه في هذا أن يقال إن مرجع الضميرين محذوف والقرينة تدل عليه فهو في حكم الملفوظ .
وأصل الكلام في أصل الوضع هكذا سئل محمد بن سيرين في رجل استأجر من رجل أرضا فمات أحدهما هل لورثة الميت أن يخرجوا يد المستأجر من تلك الأرض أم لا