هنا يكون التقدير فيقال قوله في الثانية أي أرسل سارة في المرة الثانية قوله أو في الثالثة شك من الراوي أي أو أرسلها في المرة الثالثة قوله إلا شيطانا أي متمردا من الجن وكانوا يهابون الجن ويعظمون أمرهم ويقال سبب قوله ذلك أنه جاء في بعض الروايات لما قبضت يده عنها قال لها ادعي لي فقال ذلك لئلا يتحدث بما ظهر من كرامتها فتعظم في نفوس الناس وتتبع فلبس على السامع بذكر الشيطان قوله إرجعوا بكسر الهمزة أي ردوها إلى إبراهيم E قوله وأعطوها آجر أي أعطوا سارة آجر وهي الوليدة اسمها آجر بهمزة ممدودة وجيم مفتوحة وفي آخره راء واستعملوا الهاء موضع الهمزة فقيل هاجر وهي أم إسماعيل E كما أن سارة أم إسحاق E وقيل إن هاجر من حقن من كورة أنصنا قوله قلت حقن بفتح الحاء المهملة وسكون القاف وفي آخره نون وهو اسم لقرية من صعيد مصر قاله ابن الأثير قلت هو كفر من كفور كورة أنصنا بفتح الهمزة وسكون النون وكسر الصاد المهملة ثم نون ثانية وألف مقصورة وهي بلدة بالصعيد الأوسط على شط النيل من البر الشرقي في قبالة الأشمونيين من البر الآخر وبها آثار عظيمة ومزدرع كثير وقال اليعقوبي هي مدينة قديمة يقال إن سحرة فرعون كانوا فيها قوله أشعرت أي أعلمت تخاطب إبراهيم E قوله كبت الكافر أي رده خاسئا خائبا وقيل أحزنه وقيل أغاظه لأن الكبت شدة الغيظ وقيل صرعه وقيل أذله وقيل أخزاه وقيل أصله كبد أي بلغ الهم كبده فأبدل من الدال تاء قوله واخدم وليدة أي أعطي خادما أي أعطاها أمة تخدمها والوليدة تطلق على الجارية وإن كانت كبيرة وفي الأصل الوليد الطفل والأنثى وليدة والجمع ولائد فافهم .
ذكر ما يستفاد منه فيه إباحة المعارض لقوله إنها أختي وإنها مندوحة عن الكذب وفيه إن أخوة الإسلام أخوة تجب أن يتسمى بها وفيه الرخصة في الأنقياد للظالم أو الغاصب وفيه قبول صلة السلطان الظالم وقبول هدية المشرك وفيه إجابة الدعاء بإخلاص النية وكفاية الرب جل جلاله لمن أخلصها بما يكون نوعا من الآفات وزيادة في الإيمان تقوية على التصديق والتسليم والتوكل وفيه ابتلاء الصالحين لرفع درجاتهم وفيه أن من قال لزوجته أختي ولم ينو شيئا لا يكون طلاقا وكذلك لو قال مثل أختي لا يكون ظهارا وفيه أخذ الحذر مع الإيمان بالقدر وفيه مستند لمن يقول إن طلاق المكره لا يقع وليس بشيء وفيه الحيل في التخلص من الظلمة بل إذا علم أنه لا يتخلص إلا بالكذب جاز له الكذب الصراح وقد يجب في بعض الصور بالاتفاق لكونه ينجي نبيا أو وليا ممن يريد قتله أو لنجاة المسلمين من عدوهم وقال الفقهاء لو طلب ظالم وديعة لإنسان ليأخذها غصبا وجب عليه الإنكار والكذب في أنه لا يعلم موضعها .
8122 - حدثنا ( قتيبة ) قال حدثنا ( الليث ) عن ( ابن شهاب ) عن ( عروة ) عن ( عائشة ) رضي الله تعالى عنها أنها قالت اختصم سعد بن أبي وقاص وعبد بن زمعة في غلام فقال سعد هذا يا رسول الله ابن أخي عتبة بن أبي وقاص عهد إلى أنه ابنه انظر إلى شبهه وقال عبد بن زمعة هذا أخي يا رسول الله ولد على فراش أبي من وليدته فنظر رسول الله إلاى شبهه فرأى شبها بينا بعتبة فقال هو لك يا عبد الولد للفراش وللعاهر الحجر واحتجبي منه يا سودة بنت زمعة فلم تره سودة قط .
مطابقته للترجمة من حيث إن عبد بن زمعة قال هذا ابن أمة أبي ولد على فراشه فأثبت لأبيه أمه وملكا عليها في الجاهلية فلم ينكر ذلك وسمع خصامهما وهو دليل على تنفيذ عهد المشرك والحكم به وإن تصرف المشرك في ملكه يجوز كيف شاء وحكم النبي هنا بأن الولد للفراش فلم ينظر إلى الشبه ولا اعتبره والحديث قد مر في تفسير المشبهات فإنه أخرجه هناك عن يحيى بن قزعة عن مالك عن ابن شهاب عن عروة إلى آخره وقد مر الكلام فيه مستقصى قوله أنظر إلى شبهه أي إلى مشابهة الغلام بعتبة والعاهر الزاني