ابن مالك ) رضي الله تعالى عنه نهينا أن يبيع حاضر لباد .
مطابقته للترجمة ظاهرة والكلام في لفظ السمسرة ما ذكرناه في الحديث السابق ومعاذ بضم الميم وبالذال المعجمة ابن معاذ البصري قاضيها مر في الحج وابن عون هو عبد الله بن عون ومحمد هو ابن سيرين .
والحديث أخرجه مسلم في البيوع أيضا عن أبي موسى عن معاذ بن معاذ وعن أبي موسى عن ابن أبي عدي كلاهما عن ابن عون وعن يحيى بن يحيى وأخرجه أبو داود فيه عن حفص بن عمر وأخرجه النسائي فيه عن محمد بن عبد الأعلى وعن أبي موسى .
قوله نهينا يدل على الرفع كما في قوله أمرنا قوله أن يبيع حاضر لباد وزاد مسلم من طريق يونس بن عبيد عن محمد بن سيرين عن أنس وإن كان أخاه أو أباه وهذه ثلاثة أبواب متوالية في كلها بيع حاضر لباد لكن في الأول استفهام بهل وفي الثاني نص على الكراهة بأجر وفي الثالث نهي في صورة النفي مقيد بالسمسرة وهو ترتيب حسن فيه إشارة إلى الأحكام المذكورة فيها وإلى تكثير الطرق للتقوية والتأكيد وإلى إسناد كل حكم إلى رواية الشيخ الذي استدل به عليه .
17 - .
( باب النهي عن تلقي الركبان ) .
أي هذا باب في بيان النهي عن تلقي الركبان أي عن استقبالهم لابتياع ما يحملونه إلى البلد قبل أن يقدموا الأسواق .
وأن بيعه مردود لأن صاحبه عاص آثم إذا كان به عالما وهو خداع في البيع والخداع لا يجوز .
وأن بيعه بفتح الهمزة أي وأن بيع متلقي الركبان مردود والضمير يرجع إلى المتلقي الذي يدل عليه قوله عن تلقي الركبان كما في قوله إعدلوا هو أقرب ( المائدة 8 ) أي العدل الذي هو المصدر يدل عليه إعدلوا والمراد بالبيع العقد وقوله مردود أي باطل يرد إذا وقع وقد ذهب البخاري في هذا إلى مذهب الظاهرية وقال بعضهم جزم البخاري بأن البيع مردود بناء على أن النهي يقتض الفساد لكن محل ذلك عند المحققين فيما يرجع الى ذات النهي لا فيما إذا كان يرجع إلى أمر خارج عنه فيصح البيع ويثبت الخيار بشرطه انتهى قلت هؤلاء المحققون هم الحنفية فإن مذهبهم في باب النهي هذا وينبني على هذا الأصل مسائل كثيرة محلها كتب الفروع وقال ابن حزم وهو حرام سواء خرج للتلقي أم لا بعد موضع تلقيه أم قرب ولو أنه عن السوق على ذراع والجالب بالخيار إذا دخل السوق في إمضاء البيع أو رده وقال ابن المنذر كره تلقي السلع بالشراء مالك والليث والأوزاعي فذهب مالك إلى أنه لا يجوز تلقي السلع حتى تصل إلى السوق ومن تلقاها فاشتراها منهم يشترك فيها أهل السوق إن شاءوا كان واحدا منهم وقال ابن القاسم وإن لم يكن للسلعة سوق عرضت على الناس في المصر فيشتركون فيها إن أحبوا فإن أخذوها وإلا ردوها عليه ولا يرد على بائعها وقال غيره يفسخ البيع في ذلك وقال الشافعي من تلقاها فقد أساء وصاحب السلعة بالخيار إذا قدم به السوق في إنفاذ البيع أورده لأنهم يتلقونهم فيخبرونهم بكساد السلع وكثرتها وهم أهل غرة ومكر وخديعة وحجته حديث أبي هريرة فإذا أتى سيده السوق فهو بالخيار وذهب مالك أن نهيه عن التلقي إنما يريد به نفع أهل السوق لا نفع رب السلعة وعلى ذلك يدل مذهب الكوفيين والأوزاعي وقال الأبهري معناه لئلا يستفيد الأغنياء وأصحاب الأموال بالشراء دون أهل الضعف فيؤدي ذلك إلى الضرر بهم في معايشهم ولهذا المعنى قال مالك إنه يشترك معهم إذا تلقوا السلع ولا ينفرد بها الأغنياء .
وقال أبو حنيفة وأصحابه إذا كان التلقي في أرض لا يضر بأهلها فلا بأس به وإن كان يضرهم فهو مكروه واحتج الكوفيون بحديث ابن عمر قال كنا نتلقى الركبان فنشتري منهم الطعام فنهانا رسول الله أن نبيعه حتى نبلغ به سوق الطعام وقال الطحاوي في هذا الحديث إباحة التلقي وفي أحاديث غيره النهي عنه وأولى بنا أن نجعل ذلك على غير التضاد فيكون ما نهى عنه من التلقي لما في ذلك من الضرر على غير المتلقين المقيمين في السوق وما أبيح من التلقي هو ما لا ضرر فيه عليهم وقال الطحاوي أيضا والحجة في إجازة الشراء مع التلقي المنهي عنه حديث أبي هريرة لا تلقوا الجلب فمن تلقاه فهو بالخيار إذا أتى السوق فيه جعل الخيار مع النهي وهو دال على الصحة إذ لا يكون الخيار إلا فيها إذ لو كان فاسدا لأجبر بائعه ومشتريه على فسخه قلت حديث أبي هريرة هذا أخرجه مسلم وأبو داود والطحاوي أيضا وحديث ابن