المدينة وبها رجل يقال له أبو جهينة ومعه صاعان يكيل بأحدهما ويكتال بالآخر فأنزل الله هذه الآية وفي ( تفسير ) الطبري كان عيسى بن عمر فيما ذكر عنه يجعلهما حرفين ويقف علي كالوا وعلى وزنوا فيما ذكر ثم يبتدىء فيقول هم يخسرون والصواب عندنا في ذلك الوقف على هم يعني كالوهم قوله يعني كالوا لهم حذف الجار وأوصل الفعل وفيه وجه آخر وهو أن يكون على حذف المضاف وهو المكيل والموزون أي كالوا مكيلهم .
وقال النبي اكتالوا حتى تستوفوا .
هذا التعليق ذكره ابن أبي شيبة من حديث طارق بن عبد الله المحاربي بسند صحيح قوله اكتالوا أمر للجماعة من الاكتيال والفرق بين الكيل والاكتيال أن الاكتيال إنما يستعمل إذا كان الكيل لنفسه كما يقال فلان مكتسب لنفسه وكاسب لنفسه ولغيره وكما يقال اشتوى إذا اتخذ الشواء لنفسه وإذا قيل شوى هو أعم من أن يكون لنفسه ولغيره .
ويذكر عن عثمان رضي الله تعالى عنه أن النبي قال له إذا بعت فكل وإذا ابتعت فاكتل .
مطابقته للترجمة من حيث إن معنى قوله إذا بعت فكل هو معنى قوله في الترجمة باب الكيل على البائع وقال ابن التين هذا لا يطابق الترجمة لأن معنى قوله إذا بعت فكل أي فأوف وإذا ابتعت فاكتل أي استوف قال والمعنى أنه إذا أعطى أو أخذ لا يزيد ولا ينقص أي لا لك ولا عليك قلت لا ينحصر معناه على ما ذكره لأنه جاء في حديث رواه الليث ولفظه أن عثمان قال كنت أشتري التمر من سوق بني قينقاع ثم أجلبه إلى المدينة ثم أفرغه لهم وأخبرهم بما فيه من المكيلة فيعطوني ما رضيت به من الربح ويأخذونه بخبري فبلغ ذلك النبي فقال له إذا بعت فكل فظهر من ذلك أن معناه إعطاء الكيل حقه وهو أن يكون الكيل عليه وليس المراد منه طلب عدم الزيادة أو نقصانه فظهر من ذلك أن وجه المطابقة بين الحديث والترجمة ما ذكرناه .
وهذا التعليق وصله الدارقطني من طريق عبيد الله بن المغيرة عن منقذ مولى سراقة عن عثمان بهذا ومنقذ مجهول الحال لكن له طريق آخر أخرجه أحمد وابن ماجه والبزار من طريق موسى بن وردان عن سعيد ابن المسيب عن عثمان به فإن قلت في طريقه ابن لهيعة قلت هو من قديم حديثه لأن ابن عبد الحكم أورده في ( فتوح مصر ) من طريق الليث عنه .
6212 - حدثنا ( عبد الله بن يوسف ) قال أخبرنا ( مالك ) عن ( نافع ) عن ( عبد الله بن عمر ) رضي الله تعالى عنهما أن رسول الله قال من ابتاع طعاما فلا يبيعه حتى يستوفيه .
مطابقته للترجمة من حيث إن فيه النهي عن بيع الطعام إلا بعد الاستيفاء وهو القبض وإذا أراد البيع بعده يكون الكيل عليه وهو معنى الترجمة وقد مضى معنى هذا الحديث في آخر حديث عن ابن عمر أيضا في آخر باب ما ذكر في الأسواق .
والحديث رواه البخاري أيضا عن عبد الله بن سلمة عن نافع عن ابن عمر على ما يأتي إن شاء الله تعالى وأخرجه مسلم في حديث نافع في لفظ فنهانا رسول الله أن نبيعه حتى ننقله من مكانه وفي لفظ حتى يستوفيه ويقبضه وروي من حديث عبد الله بن دينار عن ابن عمر ولفظه فلا يبعه حتى يقبضه وروي من حديث سالم عن ابن عمر ولفظه أنهم كانوا يضربون على عهد رسول الله إذا اشتروا طعاما جزافا أن يبيعوه في مكانه حتى يحولوه وفي لفظ حتى يؤووه إلى رحالهم وروي أيضا من حديث أبي هريرة أن رسول الله قال من اشترى طعاما فلا يبعه حتى يكتاله وروي أيضا من حديث جابر بن عبد الله يقول كان رسول الله يقول إذا ابتعت الطعام فلا تبعه حتى تستوفيه ورواه أبو داود من حديث ابن عمر ولفظه نهى أن يبيع أحد طعاما اشتراه بكيل حتى يستوفيه وروي أيضا من حديث ابن عباس من ابتاع طعاما فلا يبعه حتى يقبضه وروي أيضا من حديث زيد بن ثابت نهى أن تباع السلع حيث تبتاع حتى يجوزوها إلى رحالهم وقد مضى الكلام فيه مستوفى في آخر باب الأسواق