وأما معانقة الرجل للرجل فاستحبها سفيان وكرهها مالك قال هي بدعة وتناظر مالك وسفيان في ذلك فاحتج سفيان بأن النبي فعل ذلك بجعفر قال مالك هو خاص له فقال ما يخصه بغير ذلك فسكت مالك وقال صاحب ( الهداية ) الخلاف في المعانقة في إزار واحد وأما إذا كان على المعانق قميص أو جبة لا بأس باتفاق أصحابنا وهو الصحيح وفيه جواز التقبيل قال الفقيه أبو الليث في ( شرح الجامع الصغير ) القبلة على خمسة أوجه قبلة تحية وقبلة شفقة وقبلة رحمة وقبلة شهوة وقبلة مودة فأما قبلة التحية فكالمؤمنين يقبل بعضهما بعضا على اليد وقبلة الشفقة قبلة الولد لوالده أو لوالدته وقبلة الرحمة قبلة الوالد لولده والوالدة لولدها على الخد وقبلة الشهوة قبلة الزوج لزوجته على الفم وقبلة المودة قبلة الأخ والأخت على الخد وزاد بعضهم من أصحابنا قبلة ديانة وهي القبلة على الحجر الأسود وقد وردت أحاديث وآثار كثيرة في جواز التقبيل ولكن محل ذلك إذا كان على وجه المبرة والإكرام وأما إذا كان على وجه الشهوة فلا يجوز إلا في حق الزوجين وأما المصافحة فلا بأس بها بلا خلاف لأنها سنة قديمة وروى الطبراني في الأوسط من حديث حذيفة ابن اليمان عن النبي قال إن المؤمن إذا لقي المؤمن فسلم عليه وأخذ بيده فصافحه تناثرت خطاياهما كما يتناثر ورق الشجر .
قال سفيان قال عبيد الله أخبرني أنه رأى نافع بن جبير أوتر بركعة .
هذا موصول بالإسناد المذكور وسفيان هو ابن عيينة وعبيد الله هو ابن أبي يزيد المذكور في الحديث وقد تقدم الراوي على قوله أخبرني أنه وهذا لا يضر وفائدة إيراد هذه الزيادة التنبيه على لقي عبيد الله لنافع بن جبير فلا تضر العنعنة في الطريق الموصول لأن ما ثبت لقاؤه لمن حدث عنه ولم يكن مدلسا حملت عنعنته على السماع اتفاقا وإنما الخلاف في المدلس أو فيمن لم يثبت لقيه لمن روى عنه وقال الكرماني ما وجه ذكر الوتر في هذا الباب ثم أجاب بأنه لما روى عن نافع انتهز الفرصة لبيان من ثبت منه مما اختلف في جوازه انتهى قلت لا وجه لما ذكره أصلا والوجه ما ذكرناه .
74 - ( حدثنا إبراهيم بن المنذر قال حدثنا أبو ضمرة قال حدثنا موسى عن نافع قال حدثنا ابن عمر أنهم كانوا يشترون الطعام من الركبان على عهد النبي فيبعث عليهم من يمنعهم أن يبيعوه حيث اشتروه حتى ينقلوه حيث يباع الطعام قال وحدثنا ابن عمر Bهما قال نهى النبي أن يباع الطعام إذا اشتراه حتى يستوفيه ) .
قيل ليس لذكر هذا الحديث ههنا وجه ( قلت ) يمكن أن يؤخذ وجه المطابقة بين هذا الحديث وبين الترجمة من لفظ الركبان لأن الشراء منهم يكون باستقبال الناس إياهم في موضع وهذا الموضع يطلق عليه السوق لأن السوق في اللغة موضع البياعات وهذا وإن كان فيه نوع تعسف فيستأنس به في وجه المطابقة فافهم وإبراهيم بن المنذر على لفظ اسم الفاعل من الإنذار أبو إسحاق الحزامي المدني وهو من أفراد البخاري وأبو ضمرة بفتح الضاد المعجمة وسكون الميم وبالراء اسمه أنس بن عياض وقد مر في باب التبرز في البيوت وموسى بن عقبة بالقاف ابن أبي عياش المدني مولى الزبير بن العوام مات سنة إحدى وأربعين ومائة والإسناد كله مدنيون والحديث المذكور من أفراده وحديث بيع الطعام قبل القبض أخرجه البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي بأسانيد مختلفة وألفاظ متباينة قوله من الركبان وهم الجماعة من أصحاب الإبل في السفر وهو جمع راكب وهو في الأصل يطلق على راكب الإبل خاصة ثم اتسع فيه فأطلق على كل من ركب دابة قوله على عهد النبي أي على زمنه قوله فيبعث أي النبي قوله من يمنعهم في محل النصب لأنه مفعول يبعث قوله أن يبيعوه أي بأن يبيعوه فكلمة أن مصدرية أي من البيع في مكان اشتروه حتى ينقلوه ويبيعوه حيث يباع الطعام في الأسواق لأن القبض شرط وبالنقل المذكور يحصل القبض ووجه نهيه عن بيع ما يشترى من الركبان إلا بعد التحويل إلى موضع يريد أن يبيع فيه الرفق بالناس ولذلك ورد النهي عن تلقي