الناس زمان ما يبالي الرجل من أين أصابه المال من حل أو حرام وروى الحاكم من حديث الحسن عن أبي هريرة يرفعه يأتي على الناس زمان لا يبقى فيه أحد إلا أكل الربا فإن لم يأكله أصابه من غباره وقال إن صح سماع الحسن عن أبي هريرة فهذا حديث صحيح وقال ابن بطال هذا يكون لضعف الدين وعموم الفتن وقد قال بدأ الإسلام غريبا وسيعود غريبا وروي عنه أنه قال من بابت أكالا من عمل الحلال بات والله عنه راض وأصبح مغفورا له وطلب الحلال فريضة على كل مؤمن ذكره ابن الجوزي في ( كتاب الترغيب والترهيب ) من حديث داود بن علي بن عبد الله ابن عباس عن أبيه عن جده ابن عباس مرفوعا مختصرا وقال ابن التين أخبر بهذا تحذيرا لأن فتنة المال شديدة وقد دعي أبو هريرة إلى طعام فلما أكل لم ير نكاحا ولا ختانا ولا مولودا قال ما هذا قيل خفضوا جارية فقال هذا طعام ما كنا نعرفه ثم قاءه قال يقال أول ما ينتن من الإنسان بطنه وروى أبان بن أبي عياش عن أنس قال قلت يا رسول الله إجعلني مستجاب الدعوة قال يا أنس أطب كسبك تستجاب دعوتك فإن الرجل ليرفع إلى فيه اللقمة من حرام فلا تستجاب له دعوته أربعين يوما .
8 - .
( باب التجارة في البر وغيره ) .
أي هذا باب في بيان إباحة التجارة قوله في البر بفتح الباء الموحدة وتشديد الراء وقيل بفتح الباء وبتشديد الزاي قال ابن دريد البر متاع البيت من الثياب خاصة وعن الليث ضرب من الثياب وعن الجوهري هو من الثياب أمتعة البزاز والبزازة حرفته وقال محمد في ( السير الكبير ) البز عند أهل الكوفة ثياب الكتان والقطن لا ثياب الصوف والخز وقيل هي السلاح والثياب وقيل بضم الباء وتشديد الراء قيل الأكثر على أنه بالزاي وليس في الحديث ما يدل عليه بخصوصه وكذلك ليس في الحديث ما يقتضي تعيين البر بضم الباء وتشديد الراء والأقرب أن يكون بفتح الباء وتشديد الراء لأنه أليق بمؤاخاة الترجمة التي تأتي بعدها بباب وهي قوله باب التجارة في البحر وإلى هذا مال ابن عساكر قوله وغيره ليس هذا اللفظ بموجود في رواية الأكثر وإنما هو عند الإسماعيلي وكريمة قلت على تقدير وجود هذه اللفظة الأصوب أن البز بالزاي ويكون المعنى وغير البز من أنواع الأمتعة .
وقوله D ورجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله ( النور 73 ) .
وقوله بالجر عطف على التجارة تقديره وفي تفسير قوله تعالى رجال لا تلهيهم ( النور 73 ) وأول الآية في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والآصال ( النور 73 ) قرأ ابن عامر وأبو بكر عن عاصم بفتح الباء على ما لم يسم فاعله ويسند إلى أحد الظروف الثلاثة أعني له فيها بالغدو والآصال ( النور 73 ) ورجال مرفوع بما دل عليه يسبح وهو يسبح له والباقون بكسر الباء جعلوا التسبيح فعلا للرجال ورجال فاعل لقوله يسبح فإن قيل التجارة اسم يقع على البيع والشراء فما معنى ضم ذكر البيع إلى التجارة والجواب عنه قيل التجارة في السفر والبيع في الحضر وقيل التجارة الشراء وأيضا البيع في الإلهاء أدخل لكثرته بالنسبة إلى التجارة .
وقال قتادة كان القوم يتبايعون ويتجرون ولكنهم إذا نابهم حق من حقوق الله لم تلههم تجارة ولا بيع عن ذكر الله حتى يؤدوه إلى الله .
أراد بالقوم الصحابة فإنهم كانوا في بيعهم وشرائهم إذا سمعوا إقامة الصلاة يتبادرون إليها لأداء حقوق الله ويؤيد هذا ما أخرجه عبد الرزاق من كلام ابن عمر أنه كان في السوق فأقيمت الصلاة فأغلقوا حوانيتهم ودخلوا المسجد فقال ابن عمر فيهم نزلت فذكر الآية وقال ابن بطال ورأيت في تفسير الآية قال كانوا حدادين وخرازين فكان أحدهم إذا رفع المطرقة أو غرز الأشفى فسمع الأذان لم يخرج الأشفي من الغررة ولم يوقع المطرقة ورمى بها وقام إلى الصلاة وفي الآية نعت تجار الأمة السالفة وما كانوا عليه من مراعاة حقوق الله تعالى والمحافظة عليها والتزام ذكر الله في حال