فقال كل فإني صائم فعلى رواية أبي ذر القائل بقوله كل هو سلمان والمقول له هو أبو الدرداء وهو المجيب بأنه صائم وعلى رواية الترمذي القائل بقوله كل هو أبو الدرداء والمقول له سلمان قوله قال ما أنا بآكل أي قال سلمان ما أنا بآكل من طعامك حتى تأكل والخطاب لأبي الدرداء قوله فأكل أي أبو الدرداء ويروى فأكلا يعني سلمان وأبا الدرداء قوله فلما كان الليل يعني أول الليل ذهب أبو الدرداء يقوم يعني للصلاة ومحل يقوم نصب على الحال قوله فقال نم أي قال سلمان لأبي الدرداء نم وفي رواية ابن سعد من وجه آخر مرسلا فقال له أبو الدرداء أتمنعني أن أصوم لربي وأصلي لربي قوله فلما كان من آخر الليل أراد عند السحر وكذا هو في رواية ابن خزيمة وعند الترمذي فلما كان عند الصبح وفي رواية الدراقطني فلما كان في وجه الصبح قوله قال سلمان قم الآن أي قال سلمان لأبي الدرداء قم في هذا الوقت يعني وقت السحر قوله فصليا فيه حذف تقديره فقاما وصليا وفي رواية الطبراني فقاما وتوضآ ثم ركعا ثم خرجا إلى الصلاة قوله ولأهلك عليك حقا وزاد الترمذي وابن خزيمة ولضيفك عليك حقا وزاد الدارقطني فصم وأفطر وصل ونم وائت أهلك قوله فأتي النبي أي فأتى أبو الدرداء النبي فذكر ذلك أي ما ذكر من الأمور له أي للنبي وفي رواية الترمذي فأتيا بالتثنية وفي رواية الدارقطني ثم خرجا إلى الصلاة فدنا أبو الدرداء ليخبر النبي بالذي قال له سلمان فقال له يا أبا الدرداء إن لجسدك عليك حقا مثل ما قال سلمان ففي هذه الرواية أن النبي أشار إليهما بأنه علم بطريق الوحي ما دار بينهما وليس ذلك في رواية البخاري عن محمد بن بشار ويمكن الجمع بينهما بأنه كاشفهما بذلك أولا ثم أطلعه أبو الدرداء على صورة الحال فقال له صدق سلمان وروى هذا الحديث الطبراني من وجه آخر عن محمد بن سيرين مرسلا فعين الليلة التي بات سلمان فيها عند أبي الدرداء ولفظه قال كان أبو الدرداء يحيى ليلة الجمعة ويصوم يومها فأتاه سلمان فذكر القصة مختصرة وزاد في آخرها فقال النبي عويمر سلمان أفقه منك انتهى وعويمر تصغير عامر أسم لأبي الدرداء وفي رواية أبي نعيم في ( الحلية ) فقال النبي لقد أوتي سلمان من العلم وفي رواية ابن سعد لقد أشبع سلمان علما رضي الله تعالى عنه .
ذكر ما يستفاد منه فيه جواز الفطر من صوم التطوع لما ترجم له البخاري ثم القضاء هل يجب عليه أم لا قد ذكرناه مع الخلاف فيه وقد نقل ابن التين عن مذهب مالك أنه لا يفطر لضيف نزل به ولا لمن حلف عليه بالطلاق والعتاق وكذا لو حلف هو بالله ليفطرن كفر ولا يفطر وسيأتي من حديث أنس أن النبي لم يفطر لما زاره سليم وكان صائما تطوعا وقد صح عن عائشة أنه كان يفطر من صوم التطوع وزاد بعضهم فيه فأكل ثم قال لكن أصوم يوما مكانه وفي ( المبسوط ) بعد الشروع في الصوم لا يباح له الإفطار بغير عذر عندنا فيكون بالإفطار جانيا فيلزمه القضاء ولا خلاف أنه يباح له الإفطار بعذر .
واختلفت الروايات في الضيافة فروى هشام عن محمد أنه يبيح الفطر وروى الحسن عن أبي حنيفة أنه لا يكون عذرا وروى ابن أبي مالك عن أبي يوسف عن أبي حنيفة أنه عذر وهو الأظهر ويجب القضاء في الإفطار بعذر كان أو بغير عذر وكان الإفطار بصنعه أو بغير صنعه كالصائمة تطوعا إذا حاضت عليها القضاء في أصح الروايتين وفي ( الفتاوي ) دعي إلى طعام وهو صائم في النفل إن صنع لأجله فلا بأس بأن يفطر وعن محمد إن دخل على أخ له فدعاه أفطر وقيل إن تأذى بامتناعه أفطر وعن الحسن أنه لا يفطر إلا بعذر وفي ( المنتقى ) له أن يفطر قيل تأويله بعذر وقيل قبل الزوال له أن يفطر وبعده لا يفطر وفي القضاء وصوم الفرض لا يفطر وعن محمد لا بأس به .
وإن حلف غيره بطلاق امرأته أن يفطر قال نصير وخلف بن أيوب لا يفطر ودعه يحنث وعن محمد لا بأس بأن يفطر وإن كان في قضاء وفي ( المحيط ) إن حلف بطلاق امرأته يفطر في التطوع دون القضاء وهو قول أبي الليث وفي ( المرغيناني ) الصحيح من المذهب أن صاحب الدعوة إذا كان رضي بمجرد حضوره لا يفطر وقال الحلواني أحسن ما قيل فيه إن كان يثق من نفسه بالقضاء يفطر وإلا فلا يفطر وإن كان فيه أذى لمسلم وفي ( المأمونية ) للحسن بن زياد إذا دعي إلى وليمة فليجب ولا يفطر في