بأبي الدرداء يعني قائل هذا الكلام هو أبو الدرداء الصحابي والمقصود منه أن الأمور الشرعية التي ترد على خلاف القياس ولا يعلم وجه الحكمة فيها يجب الاتباع بها ويكل الأمر فيها إلى الشارع ويتعبد بها ولا يعترض ولا يقول لم كان كذا ألا ترى أن في حديث قتادة قال حدثتني معاذة أن امرأة قالت لعائشة أتجزىء إحدانا صلاتها إذا طهرت قالت أحرورية أنت كنا نحيض مع النبي فلا يأمرنا به أو قالت فلا نفعله قد تقدم هذا في باب لا تقضي الحائض الصلاة في كتاب الحيض وقال بعضهم وقد تقدم في كتاب الحيض سؤال معاذة عن عائشة عن الفرق المذكور وأنكرت عليها عائشة السؤال وخشيت عليها أن تكون تلقته من الخوارج الذين جرت عادتهم باعتراض السنن بآرائهم ولم تزدها على الحوالة على النص فكأنها قالت لها دعي السؤال عن العلة إلى ما هو أهم من معرفتها وهو الانقياد إلى الشارع انتهى قلت قد غلط هذا القائل في قوله سؤال معاذة عن عائشة عن الفرق إلى آخره ولم يكن السؤال من معاذة وإنما معاذة حدثت أن امرأة قالت لعائشة فهذه هي السائلة دون معاذة والسؤال والجواب إنما كانا بين تلك المرأة وعائشة ولم تكن بين معاذة وعائشة على ما لا يخفى .
قوله ووجوه الحق أي الأمور الشرعية واللام في قوله لتأتي مفتوحة للتأكيد قوله على خلاف الرأي أي العقل والقياس قوله فما يجد المسلمون بدا أي افتراقا وامتناعا من اتباعها قوله من ذلك أي من جملة ما هو أتى بخلاف الرأي قضاء الصوم والصلاة فإن مقتضاه أن يكون قضاؤهما متساويين في الحكم لأن كلا منهما عبادة تركت لعذر لكن قضاء الصوم واجب .
والحاصل من كلامه أن الأمور الشرعية التي تأتي على خلاف الرأي والقياس لا يطلب فيها وجه الحكمة بل يتعبد بها ويوكل أمرها إلى الله تعالى لأن أفعال الله تعالى لا تخلو عن حكمة ولكن غالبها تخفى على الناس ولا تدركها العقول ومن جملة ما قالوا في الفرق بين الصوم والصلاة على أنواع منها ما قال الفقهاء الفرق بينهما أن الصوم لا يقع في السنة إلا مرة واحدة فلا حرج في قضائه بخلاف الصلاة فإنها متكررة كل يوم ففي قضائها حرج عظيم ومنها ما قالوا إن الحائض لا تضعف عن الصيام فأمرت بإعادة الصيام عملا بقوله فمن كان منكم مريضا ( البقرة 481 ) والنزف مرض بخلاف الصلاة فإنها أكثر الفرائض تردادا وهي التي حطها الله تعالى في أصل الفرض من خمسين إلى خمس فلو أمرت بإعادتها لتضاعف عليها الفرض ومنها ما قالوا إن الله تعالى وصف الصلاة بأنها كبيرة في قوله تعالى وإنها لكبيرة ( البقرة 45 ) فلو أمرت بإعادتها لكانت كبيرة على كبيرة وقال إمام الحرمين إن المنع في ذلك النص وإن كل شيء ذكروه من الفرق ضعيف وزعم المهلب أن السبب في منع الحائض من الصوم أن خروج الدم يحدص ضعفا في النفس غالبا فاستعمل هذا الغالب في جميع الأحوال فلما كان الضعف يبيح الفطر ويوجب القضاء كان كذلك الحيض وفيه نظر لأن المريض لو تحامل فصام صح صومه بخلاف الحائض فإن المستحاضة في نزف الدم أشد من الحائض وقد أبيح لها الصوم .
9591 - حدثنا ( ابن أبي مريم ) قال حدثنا ( محمد بن جعفر ) قال حدثني ( زيد ) عن ( عياض ) عن ( أبي سعيد ) رضي الله تعالى عنه قال قال النبي أليس إذا حاضت لم تصل ولم تصم فذلك نقصان دينها .
مطابقته للترجمة تؤخذ من قوله إذا حاضت لم تصل ولم تصم والترجمة في ترك الصوم والصلاة والحديث مضى في باب ترك الحائض الصوم في كتاب الحيض فإنه أخرجه هناك بهذا الإسناد مطولا وذكره هنا مقصرا على قوله أليس إذا حاضت لم تصل إلى آخره وزيد هو ابن أسلم وعياض ابن عبد الله وقد مر الكلام فيه مستوفى هناك .
24 - .
( باب من مات وعليه صوم ) .
أي هذا باب في بيان حكم الشخص الذي مات والحال أن عليه صوما ولم يعين الحكم لاختلاف العلماء فيه على ما يجيء بيانه إن شاء الله تعالى ويجوز أن تكون من شرطية وجواب الشرط محذوف والتقدير يجوز قضاؤه عنه عند من يجوز ذلك من الفقهاء على ما يجيء