والقفة والزبيل سواء وسمي الزبيل لحمل الزبل فيه قاله ابن دريد والزبيل بكسر الزاي ويقال بفتحها وكلاهما لغتان وفي ( المحكم ) الزبيل الجراب وقيل الوعاء يحمل فيه والزبيل القفة والجمع زبل وزبلان وفي ( الصحاح ) الزبيل معروف فإذا كسرته شددته فقلت زبيل لأنه ليس في كلام العرب فعليل بالفتح وجاء فيه لغة أخرى وهي زنبيل بكسر الزاي وسكون النون قال بعضهم وقد تدغم النون فتشدد الياء مع بقاء وزنه وجمعه على اللغات الثلاث زنابيل قلت ليس جمعه على اللغتين الأوليين إلا ما نقلنا عن ( المحكم ) وأما زنابيل فليس إلا جمع المشدد فقط قوله يدعى العرق ذكر أبو عمر أنه بفتح الراء وهو الصواب عند أهل اللغة قال و أكثرهم يروونه بسكون الراء وفي ( شرح الموطأ ) لابن حبيب رواه مطرف عن مالك بتحريك الراء وقال ابن التين في رواية أبي الحسن بسكون الراء ورواية أبي ذر بفتحها وأنكر بعض العلماء إسكان الراء وفي كتاب ( العين ) العرق مثال شجر والعرقات كل مضفور أو مصطف والعرق أيضا السقيفة من الخوص قبل أن يجعل منها زنبيلا وسمي الزنبيل عرقا لذلك ويقال العرقة أيضا وعن أبي عمر والعرق أكبر من المكتل والمكتل أكبر من القفة والعرقة زنبيل من قد بلغه كلب ذكره في ( الموعب ) وفي ( المحكم ) العرق واحدته عرقة قال أحمد بن عمران العرق المكتل العظيم قوله أين المحترق يدل على أنه كان عامدا لأنه اثبت له حكم العمد وأثبت له هذا الوصف إشارة إلى أنه لو أصر غير ذلك لاستحق ذلك قوله تصدق بهذا مطلق والمراد تصدق على ستين مسكينا هكذا رواه مختصرا ورواه مسلم وقال حدثنا محمد بن رمح بن المهاجر قال أخبرنا الليث عن يحيى بن سعيد عن عبد الرحمن بن القاسم عن محمد بن جعفر بن الزبير عن عباد بن عبد الله بن الزبير عن عائشة قالت جاء رجل إلى النبي فقال احترقت قال رسول الله لم قال وطئت امرأتي في رمضان نهارا قال تصدق قال ما عندي شيء فأمره أن يجلس فجاءه عرقان فيهما طعام فأمره أن يتصدق بهما وفي رواية أخرى أتى رجل إلى رسول الله في المسجد في رمضان فقال يا رسول الله احترقت احترقت فسأله رسول الله ما شأنك فقال أصبت أهلي فقال تصدق فقال والله يا نبي الله ما لي شيء وما أقدر عليه قال إجلس فجلس فبينما هو كذلك أقبل رجل يسوق حمارا عليه طعام فقال رسول الله أين المحترق آنفا فقام الرجل فقال رسول الله تصدق بهذا فقال يا رسول الله أغيرنا فوالله إنا لجياع ما لنا شيء قال كلوه وأخرجه أبو داود أيضا .
ذكر ما يستفاد منه ومن الحديثين اللذين يأتيان بعده وغيرها من الأحاديث التي في هذا الباب وهو على أنواع النوع الأول أن قوما استدلوا بقوله تصدق بهذا على أن الذي يجب على من جامع في نهار رمضان عامدا الصدقة لا غير وقال صاحب ( التوضيح ) وذكر الطحاوي عن هؤلاء القوم هكذا ولم يبين من هم قلت هم عوف بن مالك الأشجعي ومالك في رواية وعبد الله بن رهم فإنهم قالوا في هذا تجب عليه الصدقة ولا تجب عليه الكفارة واحتجوا في ذلك بظاهر حديث المحترق وأجيب بأن حديث أبي هريرة الذي يأتي في الكتاب زاد فيه العتق والصيام والأخذ به أولى لأن أبا هريرة حفظ ذلك ولم تحفظه عائشة ويقال إنها لم تجب عليه في الحال لعجزه عن الكل وأخرت إلى زمن الميسرة وفي ( المبسوط ) وما أمره به كان تطوعا لأنها لم تكن واجبة عليه في الحال لعجزه ولهذا أجاز صرفها إلى نفسه وعياله وعن أبي جعفر الطبري أن قياس قول أبي حنيفة والثوري وأبي ثور إن الكفارة دين عليه لا تسقط عنه لعسرته وعليه أن يأتي بها إذا أيسر كسائر الكفارات وعند الشافعية فيه وجهان وذهب بعضهم إلى أن إباحة النبي لذلك الرجل أكل الكفارة لعسرته رخصة له ولهذا قال ابن شهاب ولو أن رجلا فعل ذلك اليوم لم يكن له بد من التكفير وقيل هو منسوخ وقيل هو خاص بذلك الرجل وقال بعض أصحابنا خص هذا الرجل بأحكام ثلاثة بجواز الإطعام مع القدرة على الصيام وصرفه على نفسه والاكتفاء بخمسة عشر صاعا .
النوع الثاني لو أنهم اختلفوا في كمية هذه الصدقة فقال الشافعي ومالك إن الواجب فيها مد وهو ربع صاع لكل مسكين وهو خمسة عشر صاعا لما روى أبو داود من رواية هشام بن سعد عن الزهري عن أبي هريرة وفيه فأتي بعرق