بيان لطائف إسناده .
أنس هو ابن مالك الصحابي والحسن هو البصري وإبراهيم هو النخعي ومسألة الكحل للصائم وقعت هنا استطرادا لاقصدا فلذلك لاتطلب فيها المطابقة للترجمة * أما التعليق عن أنس فرواه أبو داود في السنن من طريق عبيدالله بن أبي بكر بن أنس ( ( عن أنس أنه كان يكتحل وهو صائم ) ) قال الترمذي ليس إسناده بالقوي ولا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلّم في هذا الباب شيء وأبو عاتكة اسمه طريف بن سليمان وقيل سليمان وقيل سلمان بن طريف قال البخاري هو منكر الحديث وقال أبو حاتم الرازي ذاهب الحديث وقال النسائي ليس بثقة وروى ابن ماجه بسند صحيح لابأس به ( ( عن عائشة قالت اكتحل رسول الله صلى الله عليه وسلّم وهو صائم ) ) وفي كتاب الصيام لابن أبي عاصم بسند لابأس به من حديث نافع ( ( عن ابن عمر خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلّم وعيناه مملوءتان من الأثمد في رمضان وهو صائم ) ) ( فإن قلت ) يعارض هذا حديث رواه أبو داود عن عبدالرحمن بن النعمان بن معبد بن هودة عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلّم أنه أمر بالأثمد المروح عند النوم وقال ليتقه الصائم ( قلت ) قال أبو داود قال لي يحيى بن معين هذا حديث منكر وقال الأثرم عن أحمد هذا حديث منكر فلا معارضة حينئذ وروى ابن عدي في الكامل والبيهقي من طريقه والطبراني في الكبير من رواية حبان بن علي عن محمد بن عبيدالله بن أبي رافع عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلّم كان يكتحل بالأثمد وهو صائم ومحمد هذا قال فيه البخاري منكر الحديث وقال ابن معين ليس حديثه بشيء وروى الحارث بن أبي أسامة عن أبي زكريا يحيى بن إسحاق حدثنا سعيد بن زيد عن عمرو بن خالد عن محمد بن علي عن أبيه عن جده عن علي بن أبي طالب وعن حبيب بن أبي ثابت عن نافع ( ( عن ابن عمر قال انتظرنا النبي صلى الله عليه وسلّم أن يخرج في رمضان إلينا فخرج من بيت أم سلمة وقد كحلته وملأت عينيه كحلا ) ) وليس هذان الحديثان صريحين في الكحل للصائم إنما ذكر فيهما رمضان فقط ولعله كان في رمضان في الليل والله أعلم وروى البيهقي في شعب الإيمان من حديث ابن عباس قال اقل رسول الله صلى الله عليه وسلّم ( ( من اكتحل بالأثمد يوم عاشوراء لم يرمد أبدا ) ) قال البيهقي إسناده ضعيف وفيه روى الضحاك عن ابن عباس والضحاك لم يلق ابن عباس رضي الله تعالى عنهما وروى ابن الجوزي في كتاب فضائل الشهور من حديث أبي هريرة في حديث طويل فيه صيام عاشوراء والاكتحال فيه قال ابن ناصر هذا حديث حسن عزيز رجاله ثقات وإسناده على شرط الصحيح ورواه ابن الجوزي في الموضوعات وقال شيخنا والحق ماقاله ابن الجوزي وأنه حديث موضوع وروى الطبراني في الأوسط من حديث بريرة ( 0قالت رأيت النبي صلى الله عليه وسلّم يكتحل بالأثمد وهو صائم ) ) وأما أثر الحسن فوصله عبدالرزاق بإسناد صحيح عنه قال ( ( لابأس بالكحل للصائم ) ) وأما أثر ابراهيم فاختلف عنه فروى سعيد بن منصور عن جرير عن القعقاع بن يزيد سألت إبراهيم أيكتحل الصائم قال نعم قلت أجد طعم الصبر في حلقي قال ليس بشيء ) ) وروى ابن أبي شيبة عن حفص عن الأعمش عن إبراهيم قال لابأس بالكحل للصائم مالم يجد طعمه وأما حكم المسألة فقد اختلفوا في الكحل للصائم فلم ير الشافعي به بأسا سواء وجد طعم الكحل في الحلق ام لا واختلف قول مالك فيه في الجواز والكراهة قال في المدونة يفطر ما وصل إلى الحلق من العين وقال أبو مصعب لايفطر وذهب الثوري وابن المبارك وأحمد وغسحاق إلى كراهة الكحل للصائم وحكى عن أحمد أنه إذا وجد طعمه في الحلق أفطر وعن عطاء والحسن البصري والنخعي والأوزاعي وأبي حنيفة وأبي ثور يجوز بلا كراهة وأنه لايفطر به سواء وجد طعمه أم لا وحكى ابن المنذر عن سليمان التيمي ومنصور بن المعتمر وابن شبرمة وابن أبي ليلى أنهم قالوا يبطل صومه وقال ابن قتادة يجوز بالأثمد ويكره بالصبر وفي سنن ابي داود عن الأعمش قال ما رأيت أحدا من أصحابنا يكره الكحل للصائم * .
38 - ( حدثنا أحمد بن صالح قال حدثنا ابن وهب قال حدثنا يونس عن ابن شهاب عن عروة وأبي بكر قالت عائشة Bها كان النبي صلى الله عليه وسلّم يدركه الفجر .
عمدة القري ج11 ص ا5 .
جنبا في رمضان من غير حلم فيغتسل ويصوم ) .
مطابقته للترجمة ظاهرة وقد مضى هذا الحديث قبل هذا الباب ببابين في باب الصائم يصبح جنبا وتقدمت المباحث فيه هناك وابن وهب هو عبد الله بن وهب المصري ويونس هو ابن يزيد الأيلي وابن شهاب هو محمد بن مسلم الزهري وعروة هو ابن الزبير بن العوام وأبو بكر هو ابن عبد الرحمن بن الحارث قوله من غير حلم بضم الحاء تقديره من جنابة من غير حلم فاكتفى بالصفة عن الموصوف لظهوره .
39 - ( حدثنا إسماعيل قال حدثني مالك عن سمي مولى أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث ابن هشام بن المغيرة أنه سمع أبا بكر بن عبد الرحمن قال كنت أنا وأبي فذهبت معه حتى دخلنا على عائشة Bها قالت أشهد على رسول الله إن كان ليصبح جنبا من جماع غير احتلام ثم يصومه ثم دخلنا على أم سلمة فقالت مثل ذلك ) .
هذا الحديث أيضا مضى في باب الصائم يصبح جنبا فإنه أخرجه هناك عن عبد الله بن مسلمة عن مالك إلى آخره مطولا وتقدم الكلام فيه هناك - .
62 - .
( باب الصائم إذا أكل أو شرب نا .
أي هذا باب في بيان حكم الصائم إذا أكل أو شرب حال كونه ناسيا وإنما لم يذكر جواب إذا لمكان الخلاف فيه تقديره هل يجب عليه القضاء أم لا .
وقال عطاء إن استنثر فدخل الماء في حلقه لا بأس به إن لم يملك .
مطابقته للترجمة من حيث إن حكم دخول الماء في حلق الصائم بعد الاستنثار ولم يملك دفعه كحكم شرب الماء ناسيا في عدم وجوب القضاء وعطاء هو ابن أبي رباح وهذا التعليق رواه ابن أبي شيبة عن ابن جريج أن إنسانا قال لعطاء استنثرت فدخل الماء في حلقي قال لا بأس لم تملك وقال صاحب ( التلويح ) لا بأس إن لم تملك كذا في نسخة السماع وفي غيرها سقوط إن وفي نسخة إذ لم تملك قلت وقع في رواية أبي ذر والنسفي لا بأس لم يملك بإسقاط إن ومعنى قوله إن لم يملك يعني دفع الماء بأن غلبه فإن ملك دفع الماء فلم يدفع حتى دخل حلقه أفطر ويروى إن لم يملك دفعه وقوله لم يملك بدون إن استئناف كلام تعليلا لما تقدم عليه قال الكرماني فإن قلت لا بأس هو جزاء الشرط فلا بد من الفاء قلت هو مفسر للجزاء المحذوف والجملة الشرطية جزاء لقوله إن استنثر وعلى نسخة سقوط إن الفاء محذوفة كقوله .
من يفعل الحسنات الله يشكرها .
وقوله إن استنثر من الاستنثار وهو إخراج ما في الأنف بعد الاستنشاق وقيل هو نفس الاستنشاق .
وقال الحسن إن دخل حلقه الذباب فلا شيء عليه .
مطابقته للترجمة من حيث إن حكم دخول الذباب في حلق الصائم كحكم الأكل ناسيا في عدم وجوب القضاء وهذا التعليق وصله ابن أبي شيبة من طريق وكيع عن الربيع عنه قال لا يفطر الرجل بدخول حلقه الذباب وعن ابن عباس والشعبي إذا دخل الذباب لا يفطر وبه قالت الأئمة الأربعة وأبو ثور وقال ابن المنذر ولم يحفظ عن غيرهم خلافه وفي ( المحيط ) ولو دخل حلقه الذباب أو الدخان أو الغبار لم يفطره وكذا لو بقي بلل في فمه بعد المضمضة وابتلعه مع ريقه لعدم إمكان الاحتراز عنه بخلاف ما لو دخل المطر أو الثلج حلقه حيث يفطره وفي ( الكتاب ) في الأصح وفي ( المبسوط ) في الصحيح وفي ( الذخيرة ) قيل يفسد صومه في المطر ولا يفسد في الثلج وفي بعض المواضع على العكس وفي ( الجامع الأصغر ) يفسد فيهما وهو المختار