إذا مضى النصف من شعبان فأمسكوا عن الصيام حتى يدخل رمضان والعلاء بن عبد الرحمن احتج به مسلم وابن حبان وغيرهما ممن التزم الصحة ووثقه النسائي وروى عنه مالك والأئمة ورواه عن العلاء جماعة عبد العزيز الدراوردي وأبو العميس وروح بن عبادة وسفيان الثوري وسفيان بن عيينة وزهير بن محمد وموسى بن عبيدة الربذي وعبد الرحمن ابن إبراهيم القاري المديني وقد جمع بين الحديثين بأن حديث العلاء محمول على من يضعفه الصوم وحديث الباب مخصوص بمن يحتاط بزعمه لرمضان وقيل كان أبو هريرة يصوم في النصف الثاني من شعبان فقال من يقول العبرة بما رأى أن فعله هو المعتبر وقيل فعله يدل على أن ما رواه منسوخ .
وقد روى الطحاوي ما يقوي قول من ذهب إلى أن الصوم فيما بعد انتصاف شعبان جائز غير مكروه بما رواه من حديث ثابت عن أنس أن النبي قال أفضل الصيام بعد رمضان شعبان وبما رواه من حديث عمران بن حصين أن رسول الله قال لرجل هل صمت من سرر شعبان قال لا قال فإذا أفطرت من رمضان فصم يومين قلت أما حديث ثابت عن أنس فضعيف لأن في سنده صدقة ابن موسى وفيه مقال فقال يحيى ليس حديثه بشيء وضعفه النسائي وأبو داود وأما حديث عمران بن حصين فأخرجه الشيخان وأبو داود قوله سرر شعبان السرر بفتح السين المهملة والراء ليلة يستسر الهلال يقال سرار الشهر وسراره بالكسر والفتح وسرره واختلفوا فيه فقيل أوله وقيل وسطه وقيل آخره وهو المراد هنا كذا قاله الهروي والخطابي عن الأوزاعي .
51 - .
( باب قول الله جل ذكره أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم هن لباس لكم وأنتم لباس لهن علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم فتاب عليكم وعفا عنكم فالآن باشروهن وابتغوا ما كتب الله لكم ( البقرة 781 ) ) .
أي هذا باب في بيان قول الله D وما يتعلق به من الأحكام وهذه الآية إلى قوله تعالى ما كتب الله لكم ( البقرة 781 ) رواية أبي ذر وفي رواية غيره إلى آخر الآية لعلهم يتقون ( البقرة 781 ) وجعل البخاري هذه الآية ترجمة لبيان ما كان الحال عليه قبل نزول هذه الآية وسبب نزولها في عمر بن الخطاب وصرمة بن قيس قال الطبري بإسناده إلى عبد الله بن كعب بن مالك يحدث عن أبيه قال كان الناس في رمضان إذا صام الرجل فأمسى فنام حرمه عليه الطعام والشراب والنساء حتى يفطر من الغد فرجع عمر بن الخطاب من عند النبي ذات ليلة وقد سمر عنده فوجد امرأته قد نامت فأرادها فقالت إني قد نمت فقال ما نمت ثم وقع بها وصنع كعب بن مالك مثله فغدا عمر بن الخطاب إلى النبي فأخبره فأنزل الله تعالى علم الله أنكم تختانون أنفسكم فتاب عليكم وعفا عنكم فالآن باشروهن ( البقرة 781 ) الآية وهكذا روي عن مجاهد وعطاء وعكرمة والسدي وقتادة وغيرهم في سبب نزول هذه الآية في عمر بن الخطاب ومن صنع كما صنع وفي صرمة بن قيس فأباح الجماع والطعام والشراب في جميع الليل رحمة ورخصة ورفقا وحديث الباب يقتصر على قضية صرمة بن قيس قوله الرفث هو الجماع هنا قاله ابن عباس وعطاء ومجاهد وسعيد بن جبير وطاووس وسالم بن عبد الله وعمرو بن دينار والحسن وقتادة والزهري والضحاك وإبراهيم النخعي والسدي وعطاء الخراساني ومقاتل ابن حيان وقال الزجاج الرفث كله جامع لكل ما يريده الرجل من النساء قوله هن لباس لكم وأنتم لباس لهن ( البقرة 781 ) قال ابن عباس ومجاهد وسعيد بن جبير والحسن وقتادة والسدي ومقاتل بن حيان يعني هن سكن لكم وأنتم سكن لهن وقال الربيع بن أنس هن لحاف لكم وأنتم لحاف لهن وحاصله أن الرجل والمرأة كل منهما يخالط الآخر ويماسه ويضاجعه فناسب أن يرخص لهم في المجامعة في ليل رمضان لئلا يشق ذلك عليهم ويحرجوا وقيل كل قرن منكم يسكن إلى قرنه ويلابسه والعرب تسمي المرأة لباسا وإزارا قال الشاعر .
( إذا ما الضجيع ثنى جيدها .
تداعت فكانت عليه لباسا )