ينفي تعليق الحكم بالحساب أصلا إذ لو كان الحكم يعلم من ذلك لقال فاسألوا أهل الحساب وقد رجع قوم إلى أهل التسيير في ذلك وهم الروافض ونقل عن بعض الفقهاء موافقتهم قال القاضي وإجماع السلف الصالح حجة عليهم وقال ابن بزيزة هو مذهب باطل فقد نهت الشريعة عن الخوض في علم النجوم لأنها حدس وتخمين ليس فيها قطع ولا ظن غالب مع أنه لو ارتبط الأمر بها لضاق الأمر إذ لا يعرفها إلا القليل قوله ولا نحسب بضم السين قال ثعلب حسبت الحساب أحسبه حسبا وحسبانا وفي ( شرح مكي ) أحسبه أيضا بمعنى وفي ( المحكم ) حسابة وحسبة وحسبانا وقال ابن بطال وغيره أمم لم تكلف في تعريف مواقيت صومنا ولا عبادتنا ما نحتاج فيه إلى معرفة حساب ولا كتابة إنما ربطت عبادتنا بأعلام واضحة وأمور ظاهرة يستوي في معرفة ذلك الحساب وغيرهم ثم تمم هذا المعنى بإشارته بيده ولم يتلفظ بعبارته عنه نزولا ما يفهمه الخرس والعجم وحصل من إشارته بيديه أن الشهر يكون ثلاثين ومن خنس إبهامه في الثالثة أنه يكون تسعا وعشرين وعلى هذا إن من نذر أن يصوم شهرا غير معين فله أن يصوم تسعا وعشرين لأن ذلك يقال له شهر كما أن من نذر صلاة أجزأه من ذلك ركعتان لأنه أقل ما يصدق عليه الاسم وكذا من نذر صوما فصام يوما أجزأه وهو خلاف ما ذهب إليه مالك فإنه قال لا يجزيه إذا صامه بالأيام إلا ثلاثون يوما فإن صامه بالهلال فعلى الرؤية .
وفيه أن يوم الشك من شعبان قال ابن بطال وهذا الحديث ناسخ لمراعاة النجوم بقوانين التعديل وإنما المعول على رؤية الأهلة وإنما لنا أن ننظر في علم الحساب ما يكون عيانا أو كالعيان وأما ما غمض حتى لا يدرك إلا بالظنون ويكشف الهيآت الغائبة عن الأبصار فقد نهينا عنه وعن تكلفه لأن سيدنا رسول الله إنما بعث إلى الأميين وفي الحديث مستند لمن رأى الحكم بالإشارة والإيماء كمن قال امرأته طالق وأشار بأصابعه الثلاث فإنه يلزمه ثلاث تطليقات والله أعلم .
41 - .
( باب لا يتقدمن رمضان بصوم يوم ولا يومين ) .
أي هذا باب يذكر فيه لا يتقدمن إلى آخره وهو بالنون الخفيفة والثقيلة وفي كثير من النسخ لا يتقدم بدون النون ويجوز فيه بناء المعلوم والمجهول والتقدير في بناء المعلوم لا يتقدم المكلف .
4191 - حدثنا ( مسلم بن إبراهيم ) قال حدثنا ( هشام ) قال حدثنا ( يحيى بن أبي كثير ) عن ( أبي سلمة ) عن ( أبي هريرة ) رضي الله تعالى عنه عن النبي قال لا يتقدمن أحدكم رمضان بصوم يوم أو يومين إلا أن يكون رجل كان يصوم صومه فليصم ذلك اليوم .
مطابقته للترجمة من حيث إنها مأخوذة منه ورجاله مروا غير مرة وهشام هو الدستوائي .
وأخرجه مسلم في الصوم أيضا من حديث علي بن المبارك عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه