والصدقة في عجزه قلت لا تكرار إذ الأول هو النداء بأن الإنفاق وإن كان بالقليل من جملة الخيرات العظيمة وذلك حاصل من كل أبواب الجنة والثاني استدعاء الدخول إلى الجنة وإنما هو من الباب الخاص به ففي الحديث فضيلة عظيمة للإنفاق ولهذا افتتح به واختتم به قوله بأبي أنت وأمي أي أنت مفدى بأبي وأمي فتكون الباء متعلقة به وقيل تقديره فديتك بأبي وأمي قوله من ضرورة أي من ضرر أي ليس على المدعو من كل الأبواب مضرة أي قد سعد من دعي من أبوابها جميعا ويقال معناه ما على من دعي من تلك الأبواب من لم يكن إلا من أهل خصلة واحدة ودعي من بابها لا ضرر عليه لأن الغاية المطلوبة دخول الجنة من أيها أراد لاستحالة الدخول من الكل معا وقال الكرماني أقول يحتمل أن تكون الجنة كالقلعة لها أسوار محيط بعضها ببعض وعلى كل سور باب فمنهم من يدعى من الباب الأول فقط ومنهم من يتجاوز عنه إلى الباب الداخل وهلم جرا قلت هذا الذي ذكره لا يستبعده العقل ولكن معرفة كيفية الجنة وكيفية أبوابها وغير ذلك موقوفة على السماع من الشارع قوله وأرجو أن تكون منهم خطاب لأبي بكر رضي الله تعالى عنه والرجاء من النبي واجب نبه عليه ابن التين فدل هذا على فضيلة أبي بكر رضي الله تعالى عنه وعلى أنه من أهل هذه الأعمال كلها .
وفيه أن أعمال البر لا تفتح في الأغلب للإنسان الواحد في جميعها وإن من فتح له في شيء منها حرم غيرها في الأغلب وأنه قد يفتح في جميعها للقليل من الناس وإن الصديق رضي الله تعالى عنه منهم .
5 - .
( باب هل يقال رمضان أو شهر رمضان ومن رأى كله واسعا ) .
أي هذا باب يقال فيه هل يقال أي هل يجوز أن يقال رمضان من غير شهر معه أو يقال شهر رمضان قوله هل يقال على صيغة المجهول رواية الأكثرين وفي رواية السرخسي والمستملي باب هل يقول أي الإنسان أو القائل قوله ومن رأى كله واسعا من جملة الترجمة أي من رأى القول بمجرد رمضان أو بقيده بشهر واسعا أي جائزا لا حرج على قائله وفي رواية الكشميهني ومن رآه بهاء الضمير وإنما أطلق الترجمة ولم يفصح بالحكم للاختلاف فيه على عادته في ذلك فالذي اختاره المحققون والبخاري منهم لا يكره أن يقال جاء رمضان ولا صمنا رمضان وكان عطاء ومجاهد يكرهان أن يقولا رمضان وإنما كانا يقولان كما قال الله تعالى شهر رمضان لأنا لا ندري لعل رمضان إسم من أسماء الله تعالى وحكاه البيهقي عن الحسن أيضا قال والطريق إليه وإلى مجاهد ضعيفة وهو قول أصحاب مالك وقال النحاس وهذا قول ضعيف لأنه نطق به فذكر ما ذكره البخاري وفي ( التوضيح ) وهناك قول ثالث وهو قول أكثر أصحابنا إن كان هناك قرينة تصرفه إلى الشهر فلا كراهة وإلا فيكره .
قالوا ويقال قمنا رمضان ورمضان أفضل الأشهر وإنما يكره أن يقال قد جاء رمضان ودخل رمضان وحضر ونحو ذلك فإن قلت في ( كامل ) ابن عدي عن أبي سعيد المقبري عن أبي هريرة قال رسول الله لا تقولوا رمضان فإن رمضان اسم من أسماء الله تعالى ولكن قولوا شهر رمضان قلت قال أبو حاتم هذا خطأ وإنما هو قول أبي هريرة وفيه أبو معشر نجيح المدني وضعفه ابن عدي الذي خرجه وقال بعضهم أشار البخاري بهذه الترجمة إلى دفع حديث ضعيف ثم ذكر هذا الذي خرجه ابن عدي قلت هذا القائل أخذ هذا الذي قاله من كلام صاحب ( التلويح ) فإنه قال وإنما كان البخاري أراد بالتبويب دفع ما رواه أبو معشر نجيح في ( كامل ) ابن عدي وهو الذي ذكرناه وهل هذا إلا أمر عجيب من هذين المذكورين فإن لفظ الترجمة هل يقال رمضان أو شهر رمضان من أين يدل على هذا فمن أي قبيل هذه الدلالة وأيضا من قال إن البخاري اطلع على هذا الحديث أو وقف عليه حتى يرده بهذه الترجمة قوله رمضان قال الزمخشري رمضان مصدر رمض إذا احترق من الرمضاء فأضيف إليه الشهر وجعل علما ومنع الصرف للتعريف والألف والنون وسموه بذلك لارتماضهم فيه من حر الجوع ومقاساة شدته كما سموه ناتقا لأنه كان ينتقهم أي يزعجهم إضجارا بشدته عليهم وقيل لما نقلوا أسماء الشهور عن اللغة القديمة سموها بالأزمنة التي وقعت فيها فوافق هذا الشهر أيام رمض الحر قلت كانوا يقولون للمحرم المؤتمر ولصفر ناجر ولربيع الأول خوان ولربيع الآخر وبضان ولجمادى الأولى ربى ولجمادى الآخر حنين ولرجب الأصم ولشعبان عاذلولرمضان ناتق ولشوال وعل ولذي القعدة ورنة ولذي الحجة برك وفي ( الغريبين ) هو مأخوذ من رمض الصائم يرمض إذا حر جوفه من شدة العطش وفي ( المغيث ) اشتقاقه من رمضت النصل أرمضه رمضا إذا جعلته بين حجرين ودققته ليرق سمي به لأنه شهر مشقة ليذكر صائموه ما يقاسي أهل النار فيها وقيل من رمضت في المكان يعني احتبست لأن الصائم يحتبس عما نهى عنه و فعلان لا يكاد يوجد من باب فعل وهو في باب فعل بالفتح كثير وقال ابن خالويه تقول العرب جاء فلان يغدو رمضا ورمضا وترميضا ورمضانا إذا كان قلقا فزعا وفي ( المحكم ) جمعه رمضانات ورماضين وأرمضة وأرمض عن بعض أهل اللغة وليس يثبت في ( الصحاح ) يجمع على أرمضاء وفي ( العلم ) المشهور لأبي الخطاب ويجمع أيضا على رماض وهو القياس وأراميض ورماض قوله أو شهر رمضان الشهر عدد وجمعه أشهر وشهور ذكره في ( الموعب ) وفي ( المحكم ) الشهر القمر سمي بذلك لشهرته وظهوره وسمي الشهر بذلك لأنه يشهر بالقمر وفيه علامة ابتدائه وانتهائه ويقال شهر وشهر والتسكين أكثر .
وقال النبي من صام رمضان .
هذا التعليق وصله البخاري في الباب الذي يليه وقد ذكر هذه القطعة منه لصحة قول من يقول رمضان بغير قيد شهر .
وقال لا تقدموا رمضان .
أي قال النبي لا تقدموا رمضان وهذا التعليق وصله البخاري من حديث أبي هريرة على ما سيأتي وذكر هذه القطعة منه أيضا لما ذكرنا .
8981 - حدثنا ( قتيبة ) قال حدثنا ( إسماعيل بن جعفر ) عن ( أبي سهيل ) عن أبيه عن ( أبي هريرة ) رضي الله تعالى عنه أن رسول الله قال إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنة .
مطابقته للترجمة من حيث إنه جاء في الحديث إذا جاء رمضان من غير ذكر شهر وهذا الحديث يفسر الإبهام الذي في الترجمة .
ذكر رجاله وهم خمسة الأول قتيبة بن سعيد الثاني إسماعيل بن جعفر بن أبي كثير أبو إبراهيم الأنصاري مولى زريق المؤدب الثالث أبو سهيل واسمه نافع بن مالك بن أبي عامر عمرو بن الحارث بن غيمان بفتح الغين المعجمة وسكون الياء آخر الحروف الأصبحي عم أنس بن مالك والرابع أبو مالك بن أبي عامر تابعي كبير أدرك عمر رضي الله تعالى عنه الخامس أبو هريرة .
ذكر لطائف إسناده فيه التحديث بصيغة الجمع في موضعين وفيه العنعنة في ثلاثة مواضع وفيه أن شيخه بلخي والبقية مدنيون .
ذكر تعدد موضعه ومن أخرجه غيره أخرجه البخاري أيضا في الصوم وفي صفة إبليس وفي موضع آخر عن يحيى بن بكير عن الليث وأخرجه مسلم في الصوم عن قتيبة ويحيى بن أيوب وعلي بن حجر ثلاثتهم عن إسماعيل بن جعفر به وعن حرملة بن يحيى وعن محمد بن الحاتم وحسن الحلواني وأخرجه النسائي فيه عن علي بن حجر به وعن الربيع بن سليمان وعن عبيد الله بن سعد عن عمه يعقوب بن إبراهيم عن سعد به وعن إبراهيم بن يعقوب وعن محمد بن خالد بن علي وعن عبد الله بن سعد عن عمه يعقوب بن إبراهيم عن أبيه عن محمد بن إسحاق .
ذكر معناه قوله فتحت روي بتشديد التاء وتخفيفها كذا أخرجه مختصرا وقد أخرجه مسلم بتمامه وقال حدثنا يحيى بن أيوب وقتيبة بن سعيد وابن حجر قالوا حدثنا إسماعيل وهو ابن جعفر عن أبي سهيل عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله قال إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنة وغلقت أبواب النار وصفدت الشياطين ثم المراد من فتح أبواب الجنة حقيقة الفتح وذهب بعضهم إلى أن المراد بفتح أبواب الجنة كثرة الطاعات في شهر رمضان فإنها موصلة إلى الجنة فكني بها عن ذلك ويقال المراد به ما فتح الله على العباد فيه من الأعمال المستوجبة بها إلى الجنة من الصيام والصلاة والتلاوة وأن الطريق إلى الجنة في رمضان سهل والأعمال فيه أسرع إلى القبول .
9981 - حدثني ( يحيعى بن بكير ) قال حدثني ( الليث ) عن ( عقيل ) عن ( ابن شهاب ) قال أخبرني ( ابن