ضمير هو فاعله وقوله إن يواقعه في موضع نصب لأنه بمنزلة يقارب الراعي المواقعة في الحمى وأعاده الكرماني إلى الحرام وما قلنا أوجه وأصوب وأما إذا كانت موصولة فتكون مرفوعة بالابتداء وخبرها هو قوله كراع يرعى ولا يكون فيه حذف والتقدير الذي وقع في الشبهات كراع يرعى أي مثل راع يرعى مواشيه حول الحمى وقوله يوشك استئناف قوله ألا بفتح الهمزة وتخفيف اللام وحرف التنبيه فيدل على تحقق ما بعدها وتدخل على الجملتين نحو ألا أنهم هم السفهاء ( البقرة 13 ) ألا يوم يأتيهم ليس مصروفا عنهم ( هود 8 ) وإفادتها التحقيق من جهة تركيبها من الهمزة و لا وهمزة الاستفهام إذا دخلت على النفي أفادت التحقيق نحو أليس ذلك بقادر على أن يحيي الموتى ( القيامة 40 ) وقال الزمخشري ولكونها بهذا المنصب من التحقيق لا تقع الجملة بعدها إلا مصدرة بنحو ما يتلقى به القسم نحو ألا إن أولياء الله ( يونس 62 ) قوله ألا وإن لكل ملك حمى الواو فيه عطف على مقدر تقديره ألا إن الأمر كما تقدم وإن لكل ملك حمى وقوله حمى نصب لأنه اسم إن وخبرها هو قوله لكل ملك مقدما قوله ألا وإن حمى الله محارمه هكذا رواية المستملي وفي رواية غيره ألا إن حمى الله في أرضه محارمه وفي رواية أبي فروة معاصيه بدل محارمه ولم يذكر الواو ههنا في رواية أبي ذر وفي رواية غيره بالواو ألا وإن حمى الله محارمه فإن قلت ما وجه ذكر الواو ههنا وتركها وما وجه ذكرها في قوله إلا وإن في الجسد قلت أما وجه ذكرها في قوله ألا وإن حمى الله فبالنظر إلى وجود التناسب بين الجملتين من حيث ذكر الحمى فيها وأما وجه تركها فبالنظر إلى بعد المناسبة بين حمى الملوك وبين حمى الله الذي هو الملك الحق لا ملك حقيقة الإله تعالى وأما وجه ذكرها في قوله ألا وإن في الجسد فبالنظر إلى وجود المناسبة بين جملتين نظرا إلى أن الأصل في الاتقاء والوقوع هو ما كان بالقلب لأنه عماد الأمر وملاكه وبه قوامه ونظامه وعليه تبنى فروعه وبه تتم أصوله قوله مضغة نصب لأنه اسم إن وخبرها هو قوله في الجسد مقدما وقوله إذا صلحت أي المضغة وهي القلب وكلمة إذا ههنا بمعنى إن لأن مدخول إذا لا بد أن يكون متحقق الوقوع وههنا الصلاح غير متحقق لاحتمال الفساد والقرينة على ذلك ذكر المقابل فافهم قوله صلح الجسد جواب إذا وكذلك الكلام في قوله وإذا فسدت قوله وهي القلب جملة إسمية بالواو وأيضا عطف على مقدر .
بيان المعاني أجمع العلماء على عظم موقع هذا الحديث وأنه أحد الأحاديث التي عليها مدار الإسلام قالت جماعة هو ثلث الإسلام وان الاسلام يدور عليه وعلى حديث الاعمال بالنيات وحديث من حسن اسلام المرء تركه ما لا يعنيه وقال أبو داود يدور على أربعة أحاديث هذه الثلاثة وحديث لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه قالوا سبب عظم موقعه انه عليه السلام نبه فيه على صلاح المطعم والمشرب والملبس والمنكح وغيرها وانه ينبغي أن يكون حلالا وأرشد إلى معرفة الحلال وأنه ينبغي ترك المشتبهات فإنه سبب لحماية دينه وعرضه وحذر من مواقعة الشبهات وأوضح ذلك بضرب المثل بالحمى ثم بين أهم الأمور وهو مراعاة القلب وقال ابن العربي يمكن أن ينتزع من هذا الحديث وحده جميع الأحكام وقال القرطبي لأنه اشتمل على التفصيل بين الحلال وغيره وعلى تعلق جميع الأعمال بالقلب فمن هنا يمكن أن يرد إليه جميع الاحكام قوله الحلال بين بمعنى ظاهر بالنظر إلى ما دل على الحل بلا شبهة او على الحرام بلا شبهة وبينهما مشتبهات أي الوسائط التي يكتنفها دليلان من الطرفين بحيث يقع الاشتباه ويعسر ترجيح دليل أحد الطرفين إلا عند قليل من العلماء وقال النووي معناه أن الأشياء ثلاثة أقسام حلال واضح لا يخفى حله كاكل الخبز والفواكه وكالكلام والمشي وغير ذلك وحرام بين كالخمر والدم والزنا والكذب واشباه ذلك واما المشبهات فمعناه أنها ليست بواضحة الحل والحرمة ولهذا لا يعرفها كثير من الناس وأما العلماء فيعرفون حكمها بنص أو قياس أو استصحاب وغيره فإذا تردد الشيء بين الحل والحرمة ولم يكن نص ولا إجماع اجتهد فيه المجتهد فألحقه بأحدهما بالدليل الشرعي فإذا ألحقه به صار حلالا أو حراما وقد يكون دليله غير خال عن الاجتهاد فيكون الورع تركه وما لم يظهر للمجتهد فيه شيء وهو مشتبه فهل يؤخذ بالحل أو الحرمة أو يتوقف فيه ثلاثة مذاهب حكاها القاضي عياض عن أصحاب الأصول والظاهر أنها مخرجة على الخلاف المعروف في حكم الأشياء قبل ورود الشرع وفيه أربعة مذاهب أحدها وهو الأصح انه لا يحكم بتحليل ولا تحريم ولا إباحة ولا غيرها لأن التكليف عند أهل الحق لا يثبت إلا بالشرع والثاني ان الحكم الحل أو الإباحة والثالث المنع