ومنها ما احتج بعموم الحديث مالك على أن الفدية يفعلها حيث شاء سواء في ذلك الصيام والإطعام والكفارة لأنه لم يعين له موضعا للذبح أو الإطعام ولا يجوز تأخر البيان عن وقت البيان وقد اتفق العلماء في الصوم أن له أن يفعله حيث شاء لا يختص ذلك بمكة ولا بالحرم وأما النسك والإطعام فجوزهما مالك أيضا كالصوم وخصص الشافعي ذلك بمكة أو بالحرم واختلف فيه قول أبي حنيفة فقال مرة يختص بذلك الدم دون الإطعام وقال مرة يختصان جميعا بذلك وقال هشيم أخبرنا ليث عن طاووس أنه كان يقول ما كان من دم أو إطعام فبمكة وما كان من صيام فحيث شاء وكذا قال عطاء ومجاهد والحسن .
ومنها ما قال شيخنا زين الدين يستثنى من عموم التخيير في كفارة الأذي حكم العبد إذا احتاج إلى الحلق فإن فرضه الصوم على الجديد سواء أحرم بغير إذن سيده أو بإذنه فإن الكفارة لا تجب على السيد كما جزم به الرافعي ولو ملكه السيد لم يملكه على الجديد وعلى القديم يملكه .
6 - .
( باب قول الله تعالى أو صدقة ( البقرة 691 ) وهي إطعام ستة مساكين ) .
أي هذا باب في بيان تفسير الصدقة المذكورة في قوله تعالى أو صدقة ( البقرة 691 ) لأنها مبهمة وفسرها بقوله وهي إطعام ستة مساكين .
5181 - حدثنا ( أبو نعيم ) قال حدثنا ( سيف ) قال حدثني ( مجاهد ) قال سمعت ( عبد الرحمان بن أبي ليلى ) قال أن ( كعب بن عجرة ) حدثه قال وقف علي رسول الله بالحديبية وراسي يتهافت قملا فقال يؤذيك هوامك قلت نعم قال فاحلق رأسك أو قال احلق قال في نزلت هاذه الآية فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه إلى آخرها فقال النبي صم ثلاثة أيام أو تصدق بفرق بين ستة أو انسك بما تيسر .
مطابقته للترجمة في قوله أو تصدق بفرق بين ستة فإنه تفسير لقوله تعالى أو صدقة ( البقرة 691 ) في الآية المذكور وأبو نعيم بضم النون الفضل بن دكين وقد تكرر ذكره وسيف بلفظ الآلة القاطعة ابن سليمان المكي تقدم في أبواب القبلة .
قوله علي بتشديد الياء المفتوحة ورسول الله بالرفع فاعل وقف والباء في بالحديبية بمعنى في ظرفية قوله ورأسي يتهافت جملة إسمية وقعت حالا ومعنى يتهافت بالفاء يتساقط شيئا فشيئا وهو مأخوذ من الهفت بسكون الفاء وفي ( المحكم ) الهفت تساقط الشيء قطعة قطعة كالثلج والرذاذ ونحوهما وتهافت الفراش في النار تساقطه وتهافت القوم تساقطوا موتا وتهافتوا عليه تتابعوا وانتصاب قملا على التمييز قوله أو احلق شك من الراوي ومفعوله محذوف قوله في بكسر الفاء وتشديد الياء المفتوحة قوله بفرق بفتح الفاء وسكون الراء وفتحها وهو مكيال معروف بالمدينة وهو ستة عشر رطلا .
وقال الأزهري كلام العرب بفتح الراء والمحدثون قد يسكنونه ووقع في رواية ابن عيينة عن ابن أبي نجيح عند أحمد والترمذي وغيرهما والفرق ثلاثة آصع وفي رواية مسلم من طريق أبي قلابة عن ابن أبي ليلى وأطعم ثلاثة آصع من تمر على ستة مساكين وآصع بمد الهمزة وضم الصاد جمع صاع على القلب لأن القياس في جمعه أصوع بقصر الهمزة وسكون الصاد بعدها واوا مضمومة قال الجوهري وإن شئت أبدلت من الواو المضمومة همزة فقلت أصؤع وحكى الوجهان كذلك في آدور وآدر جمع دار وذكر ابن مكي في كتاب ( تثقيف اللسان ) أن قولهم آصع بالمد لحن من خطأ العوام وأن صوابه آصوع وقال النووي هذا غلط منه مردود وذهول قلت القياس ما ذكره ابن مكي وأما الذي ورد فمحمول على القلب ووزنه على هذا أعفل فافهم وفي الصاع لغتان التذكير والتأنيث حكاهما الجوهري وغيره .
قوله بين ستةأي بين ستة مساكين قوله أو أنسك على صيغة الأمر من نسك إذا ذبح وهو رواية كريمة وفي رواية غيرها أو نسك بلفظ الاسم والأول هو المناسب لأخوته أللهم إلا أن يقال أو أنسك بنسك قال الكرماني أو هو من باب .
( علفتها تبنا وماء باردا ) .
قوله بما تيسر بالباء الموحدة في رواية كريمة وفي رواية أبي ذر وغيره مما تيسر وأصله