72 - .
( كتاب المحصر وجزاء الصيد ) .
أي هذه أبواب في بيان أحكام المحصر وأحكام جزاء الصيد الذي يتعرض إليه المحرم وثبتت البسملة لجميع الرواة وفي رواية أبي ذر أبواب بلفظ الجمع وفي رواية غيره باب بالإفراد .
وقوله تعالى فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي ولا تحلقوا رؤوسكم حتى يبلغ الهدي محله ( البقرة 691 ) .
وقوله بالجر عطف على قوله المحصر أي وفي بيان المراد من قوله تعالى فإن أحصرتم ( البقرة 691 ) .
الكلام ههنا على أنواع .
الأول في معنى الحصر والإحصار الإحصار المنع والحبس عن الوجه الذي يقصده يقال أحصره المرض أو السلطان إذا منعه عن مقصده فهو محصر والحصر الحبس يقال حصره إذا حبسه فهو محصور وقال القاضي إسماعيل الظاهر أن الإحصار بالمرض والحصر بالعدو ومنه فلما حصر رسول الله وقال تعالى فإن أحصرتم ( البقرة 691 ) وقال الكسائي يقال من العدو حصر فهو محصور ومن المرض أحصر فهو محصر وحكى عن الفراء أنه أجاز كل واحد منهما مكان الآخر وأنكر المبرد والزجاج وقالا هما مختلفان في المعنى ولا يقال في المرض حصره ولا في العدو أحصره وإنما هذا كقولهم حبسه إذا جعله في الحبس وأحبسه أي عرضه للحبس وقتله أوقع به القتل وأقتله أي عرضه للقتل وكذلك حصره حبسه وأحصره عرضه للحصر .
النوع الثاني في سبب نزول هذه الآية ذكروا أن هذه الآية نزلت في سنة ست أي عام الحديبية حين حال المشركون بين رسول الله وبين الوصول إلى البيت وأنزل الله في ذلك سورة الفتح بكمالها وأنزل لهم رخصة أن يذبحوا ما معهم من الهدي وكان سبعين بدنة وأن يتحللوا من إحرامهم فعند ذلك أمرهم عليه السلام أن يذبحوا ما معهم من الهدي وأن يحلقوا رؤوسهم ويتحللوا فلم يفعلوا انتظارا للنسخ حتى خرج فحلق رأسه ففعل الناس وكان منهم من قص رأسه ولم يحلقه فلذلك قال رحم الله المحلقين قالوا والمقصرين يا رسول الله فقال في الثالثة والمقصرين وقد كانوا اشتركوا في هديهم ذلك كل سبعة في بدنة وكانوا ألفا وأربعمائة وكان منزلهم بالحديبية خارج الحرم وقيل بل كانوا على طرف الحلم .
النوع الثالث في تفسير هذه الآية قوله فإن أحصرتم ( البقرة 691 ) أي منعتم عن تمام الحج والعمرة فحللتم فما استيسر ( البقرة 691 ) أي فعليكم ما استيسر من الهدي ( البقرة 691 ) أي ما تيسر منه يقال يسر الأمر واستيسر كما يقال صعب واستصعب وقال الزمخشري الهدي جمع هدية كما يقال في جدية السرج جدي وقرىء من الهدي بالتشديد جمع هدية كمطية ومطي وحاصل المعنى فإن منعتم من المضي إلى البيت وأنتم محرمون بحج أو عمرة فعليكم إذا أردتم التحلل ما استيسر من الهدي من بعير أو بقرة أو شاة قوله ولا تحلقوا رؤوسكم ( البقرة 691 ) عطف على قوله وأتموا الحج والعمرةلله ( البقرة 691 ) وليس معطوفا على قوله فإن أحصرتم ( البقرة 691 ) كما زعمه ابن جرير لأن النبي وأصحابه عام الحديبية لما حصرهم كفار قريش عن الدخول إلى الحرم حلقوا وذبحوا هديهم خارج الحرم وأما في حال الأمن والوصول إلى الحرم فلا يجوز الحلق حتى يبلغ الهدي محله ويفرغ الناسك من أفعال الحج والعمرة إن كان قارنا أو من فعل أحدهما إن كان مفردا أو متمتعا .
النوع الرابع اختلاف العلماء في الحصر بأي شيء يكون وبأي معنى يكون فقال قوم وهم عطاء بن أبي رباح وإبراهيم النخعي وسفيان الثوري يكون الحصر بكل حابس من مرض أو غيره من عدو وكسر وذهاب نفقة ونحوها مما يمنعه عن المضي إلى البيت وهو قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد وزفر وروي ذلك عن ابن عباس وابن مسعود وزيد بن ثابت وقال آخرون وهم الليث بن سعد ومالك والشافعي وأحمد وإسحاق لا يكون الإحصار إلا بالعدو فقط ولا يكون بالمرض وهو قول عبد الله بن عمر وقال الجصاص في ( كتاب الأحكام ) وقد اختلف السلف في حكم المحصر على ثلاثة أنحاء روي عن ابن مسعود وابن عباس العدو والمرض سواء يبعث دما ويحل به إذا أنحر في الحرم وهو قول أبي حنيفة وأصحابه والثاني قول ابن عمر إن المريض لا يحل ولا يكون محصورا إلا بالعدو وهو قول