مطابقته للترجمة هي أنه جعل الترجمة جزءا من الحديث ورجاله قد ذكروا غير مرة وسمي بضم السين المهملة وفتح الميم وتشديد الياء آخر الحروف القريشي المخزومي أبو عبد الله المدني وأبو صالح ذكوان الزيات .
والحديث أخرجه البخاري أيضا في الجهاد عن عبد الله بن يوسف وفي الأطعمة عن أبي نعيم وأخرجه مسلم في المغازي عن القعنبي وإسماعيل ابن أبي أويس وأبي مصعب الزهري ومنصور بن أبي مزاحم وقتيبة بن سعيد ويحيى بن يحيى كلهم عن مالك وأخرجه النسائي في السير عن قتيبة به وعن عمرو بن علي ومحمد بن المثنى كلاهما عن يحيى بن سعيد عن مالك به .
ذكر رجال هذا الحديث قال أبو عمر هذا حديث تفرد به مالك عن سمي ولا يصح لغيره وانفرد به سمي أيضا فلا يحفظ عن غيره وهكذا هو في ( الموطأ ) عند جماعة الرواة بهذا الإسناد ورواه ابن مهدي عن بشر بن عمر عن مالك مرسلا وكان وكيع يحدث به عن مالك حينا مرسلا وحينا يسنده كما في ( الموطأ ) والمسند صحيح ثابت احتياج الناس إليه عن مالك وليس له غير هذا الإسناد من وجه يصح وروى عبيد الله بن المنتاب عن سليمان بن إسحاق الطلحي عن هارون الفروي عن عبد الملك بن الماجشون قال قال مالك ما بال أهل العراق يسألوني عن حديث السفر قطعة من العذاب قيل له لم يروه غيرك فقال لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما حدثت به ورواه عصام بن رواد بن الجراح عن أبيه عن مالك عن ربيعة عن القاسم عن عائشة رضي الله تعالى عنها وعن مالك عن سمي عن أبي صالح عن أبي هريرة قالا قال رسول الله السفر قطعة من العذاب قال أبو عمرو حديث رواد عن مالك عن ربيعة عن القاسم غير محفوظ لا أعلم رواه عن مالك غيره وهو ( خطأ ) وليس رواد ممن يحتج ولا يعول عليه وقد رواه خالد بن مخلد ومحمد بن جعفر الوركاني عن مالك عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة ولا يصح لمالك عن سهيل عندي إلا أنه لا يبعد أن يكون عن سهيل أيضا وليس بمعروف لمالك عنه وقد روى عن عتيق بن يعقوب عن مالك عن أبي النضر مولى عمر بن عبيد الله عن أبي صالح عن أبي هريرة مرفوعا ولا يصح أيضا عندي وإنما هو مالك عن سمي لا عن سهيل ولا ربيعة ولا عن أبي النضر وقد رواه بعض الضعفاء عن مالك فقال وليتخذ لأهله هدية وإن لم يلق إلا حجرا فليلقه في مخلاته قال والحجارة يومئذ يضرب بها القداح وقال أبو عمرو هذه زيادة منكرة لا تصح ورواه ابن سمعان عن زيد بن أسلم عن جمهان عن أبي هريرة يرفعه السفر قطعة من العذاب وابن سمعان كان مالك يرميه بالكذب قال وقد رويناه عن الدراوردي عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة بإسناد صالح لكن لا تقوى الحجة به وفيه وإذا عرستم فتجنبوا الطريق فإنها مأوى الهوام والدواب .
قوله السفر قطعة من العذاب أي جزء منه والمراد بالعذاب الألم الناشيء عن المشقة قوله يمنع أحدكم جملة استئنافية فلذلك فصلها عما قبلها وهي في الحقيقة جواب عما يقال لم كان السفر كذلك فقال لأنه يمنع أحدكم طعامه أي لذة طعامه وقال الخطابي يريد أنه يمنعه الطعام في الوقت الذي يستوفيه منه لغدائه وعشائه والنوم كذلك يمنعه في وقته واستيفاء القدر الذي يحتاج إليه وقد ورد التعليل في رواية سعيد المقبري بلفظ السفر قطعة من العذاب لأن الرجل يشتغل فيه عن صلاته وصيامه الحديث والمراد بالمنع في الأشياء المذكورة ليس منع حقيقتها وإنما المراد منع كمالها على ما لا يخفى ويؤيد ما رواه الطبراني بلفظ لا يهنأ أحدكم نومه ولا طعامه ولا شرابه وفي حديث ابن عمر عند ابن عدي فإنه ليس له دواء إلا سرعة السير قوله فإذا قضى نهمته بفتح النون وسكون الهاء أي حاجته وقال ابن التين وضبطناه أيضا بكسر النون وفي ( الموعب ) النهمة بلوغ الهمة بالشيء وهو منهوم بكذا أي مولع لا ينشرح وتقول قضيت منه نهمتي أي حاجتي وعن أبي زيد المنهوم الذي يمتلىء بطنه ولا تنتهي حاجته وعن أبي العباس نهم ونهم بمعنى قوله فليعجل إلى أهله وفي رواية عتيق ابن يعقوب وسعيد المقبري فليعجل الرجوع إلى أهله وفي رواية مصعب فليعجل الكرة إلى أهله وفي حديث عائشة فليعجل الرحلة إلى أهله فإنه أعظم لأجره .
ومما يستفاد من الحديث كراهة التغرب عن الأهل بغير حاجة واستحباب استعجال الرجوع ولا سيما من يخشى عليهم الضيعة بالغيبة ولما في الإقامة في الأهل من الراحة المعينة على صلاح الدين والدنيا ولما فيها من تحصيل الجماعات والجمعات والقوة على العبادات والعرب تشبه الرجل في أهله بالأمير وقيل في قوله تعالى