قوله وهو بالعقبة جملة حالية أي والنبي كان بعقبة منى قوله وهو يرميها جملة حالية أيضا أي والنبي يرمي جمرة العقبة قوله فقال أي سراقة قوله ألكم هذه أي هذه الفعلة وهي جعل الحج عمرة أو العمرة في أشهر الحج والألف في ألكم للاستفهام على سبيل الاستخبار أراد أن هذه الفعلة مخصوصة بكم في هذه السنة أو لكم ولغيركم أبدا فأجاب النبي بقوله للأبد وفي رواية يزيد بن زريع لنا هذه خاصة وفي رواية جعفر عند مسلم فقام سراقة فقال يا رسول الله ألعامنا هذا أم للأبد فشبك أصابعه واحدة في الأخرى وقال دخلت العمرة في الحج مرتين لا بل لأبد الأبد .
وقال النووي اختلف العلماء في معناه على أقوال أصحها وبه قال جمهورهم معناه أن العمرة يجوز فعلها في أشهر الحج الثاني معناه جواز القران وتقدير الكلام دخلت أفعال العمرة في أفعال الحج إلى يوم القيامة والثالث تأويل بعض القائلين بأن العمرة ليست واجبة قالوا معناه سقوط العمرة ومعنى دخولها في الحج سقوط وجوبها وهذا ضعيف أو باطل وسياق الحديث يقتضي بطلانه والرابع تأويل بعض أهل الظاهر أن معناه جواز فسخ الحج إلى العمرة وهذا أيضا ضعيف ورد هذا بأن سياق السؤال يقوي هذا التأويل بل الظاهر أن السؤال وقع عن الفسخ وفيه نظر .
وقال النووي أيضا اختلف العلماء في هذا الفسخ هل هو خاص للصحابة تلك السنة خاصة أم باق لهم ولغيرهم إلى يوم القيامة فيجوز لكل من أحرم بحج وليس معه هدي أن يقلب إحرامه عمرة ويتحلل بأعمالها وقال مالك والشافعي وأبو حنيفة وجماهير العلماء من السلف والخلف هو مختص بهم في تلك السنة لا يجوز بعدها وإنما أمروا به تلك السنة ليخالفوا ما كانت عليه الجاهلية من تحريم العمرة في أشهر الحج ومما يستدل به للجماهير حديث أبي ذر الذي رواه مسلم كانت في الحج لأصحاب محمد خاصة يعني فسخ الحج إلى العمرة وروى النسائي عن الحارث بن بلال عن أبيه قال قلت يا رسول الله فسخ الحج لنا خاصة أم للناس عامة فقال بل لنا خاصة وأما الذي في حديث سراقة ألعامنا هذا أم للأبد فقال لا بل للأبد فمعناه جواز الاعتمار في أشهر الحج والقران كما ذكرناه .
ومن فوائد الحديث المذكور جواز التمتع وتعليق الإحرام بإحرام الغير وجواز قول لو في التأسف على فوات أمور الدين والمصالح وأما الحديث في أن لو تفتح عمل الشيطان فمحمول على التأسف في حظوظ الدنيا .
7 - .
( باب الاعتمار بعد الحج بغير هدي ) .
أي هذا باب في بيان مشروعية الاعتمار في أشهر الحج بعد الفراغ من الحج بغير هدي يلزمه .
6871 - حدثنا ( محمد بن المثنى ) قال حدثنا ( يحيى ) قال حدثنا ( هشام ) قال أخبرني أبي قال ( أخبرتني عائشة ) رضي الله تعالى عنها قالت خرجنا مع رسول الله موافين لهلال ذي الحجة فقال رسول الله من أحب أن يهل بعمرة فليهل ومن أحب أن يهل بحجة فليهل ولولا أني أهديت لأهللت بعمرة فمنهم من أهل بعمرة ومنهم من أهل بحجة وكنت ممن أهل بعمرة فحضت قبل أن أدخل مكة فأدركني يوم عرفة وأنا حائض فشكوت إلى رسول الله فقال دعي عمرتك وانقضي رأسك وامتشطي وأهلي بالحج ففعلت فلما كانت ليلة الحصبة أرسل معي عبد الرحمان إلى التنعيم فأردفها فأهلت بعمرة مكان عمرتها فقضى الله حجها وعمرتها ولم يكن في شيء من ذالك هدي ولا صدقة ولا صوم