وقال أبو عبيد النص أصله منتهى الأشياء وغايتها ومبلغ أقصاها وقال ابن بطال تعجيل الدفع من عرفة والله أعلم إنما هو لضيق الوقت لأنهم إنما يدفعون من عرفة إلى المزدلفة عند سقوط الشمس وبين عرفة والمزدلفة نحو ثلاثة أميال وعليهم أن يجمعوا المغرب والعشاء بالمزدلفة وتلك سنتها فتعجلوا في السير لاستعجال الصلاة وقال الطبري الصواب في صفة السير في الإفاضتين جميعا ما صحت به الآثار إلا في وادي محسر فإنه يوضع لصحة الحديث بذلك فلو أوضع أحد في موضع العنق أو العكس لم يلزمه شيء لإجماع الجمع على ذلك غير أنه يكون مخطئا طريق الصواب قلت أشار بقوله لصحة الحديث إلى ما روي عن جابر رضي الله تعالى عنه رواه الترمذي فقال حدثنا محمود بن غيلان حدثنا وكيع وبشر بن السري وأبو نعيم قالوا حدثنا سفيان عن أبي الزبير عن جابر أن النبي أوضع في وادي محسر الحديث وقال أبو عيسى حديث حسن صحيح قوله أوضع أي أسرع السير من الإيضاع وهو السير السريع ومفعول أوضع محذوف أي أوضع راحلته لأن الرباعي متعد والقاصر منه ثلاثي قال الجوهري وضع البعير وغيره أي أسرع في سيره .
وفيه من الفوائد أن السلف كانوا يحرصون على السؤال عن كيفية أحواله في جميع حركاته وسكونه ليقتدوا به في ذلك .
قال هشام والنص فوق العنق .
هو هشام بن عروة الراوي وهذا تفسير منه وكذا رواه مسلم من رواية حميد بن عبد الرحمن عن هشام بن عروة قال هشام والنص فوق العنق وأدرجه يحيى القطان في الذي رواه البخاري في الجهاد قال حدثنا محمد بن المثنى حدثنا يحيى عن هشام قال أخبرني أبي قال سئل أسامة بن زيد كان يحيى يقول وأنا أسمع فسقط عني عن مسير النبي في حجة الوداع قال فكان يسير العنق فإذا وجد فجوة نص والنص فوق العنق وكذا أدرجه سفيان فيما أخرجه النسائي وعبد الرحيم بن سليمان ووكيع فيما أخرجه ابن خزيمة كلهم عن هشام وقد رواه عن إسحاق في ( مسنده ) عن وكيع ففصله وجعل التفسير من كلام وكيع وكذا رواه ابن خزيمة من طريق سفيان ففصله وجعل التفسير من كلام سفيان وسفيان ووكيع إنما أخذا التفسير المذكور عن هشام فرجع التفسير إليه وقد رواه أكثر رواة ( الموطأ ) عن مالك فلم يذكر التفسير ولذلك رواه أبو داود الطيالسي من طريق حماد بن سلمة ومسلم من طريق حماد بن زيد كلاهما عن هشام .
فجوة متسع والجمع فجوات وفجاء وكذلك ركوة وركاء مناص ليس حين فرار .
فسر البخاري الفجوة بقوله متسع وأبو عبد الله هو كنية البخاري وذكر أيضا أن جمع فجوة يأتي على مثالين أحدهما فجوات بفتحتين والآخر فجاء بكسر الفاء ومثل لذلك بقوله وكذا ركوة وركاء فإن ركوة على وزن فجوة وركاء الذي هو جمع على وزن فجاء قوله مناص ليس حين فرار لم يثبت في كثير من النسخ وأما وجه المذكور من ذلك أنه إنما ذكره لدفع وهم من يتوهم أن المناص والنص من باب واحد وأن أحدهما مشتق من الآخر وليس كذلك فإن النص مضعف وحروفه صحاح والمناص من باب المعتل العين الواوي لأنه من النوص قال الفراء النوص التأخر ويقال ناص عن قرنه ينوص نوصا ومناصا أي فر وزاغ وقال الجوهري قال الله تعالى ولات حين مناص ( ص 3 ) أي ليس وقت تأخر وفرار والذي يظهر أن أبا عبد الله هو الذي وهم فيه فظن أن مادة نص ومناص واحدة فلذلك ذكره والأولى أن يعتمد على النسخة التي لم يذكر هذا فيها ويبعد الشخص من نسبة الوهم إليه أو إلى غيره .
39 - .
( باب النزول بين عرفة وجمع ) .
أي هذا باب في بيان نزول الحاج بين عرفة وجمع وهو المزدلفة لقضاء حاجته أي حاجة كانت وليس هذا من المناسك .
7661 - حدثنا ( مسدد ) قال حدثنا ( حماد بن زيد ) عن ( يحيى بن سعيد ) عن موسى بن عقبة عن