النبي قال لا يحل بيع بيوت مكة ولا إجارتها رواه الطحاوي والبيهقي أيضا ولفظه مكة مناخ لا تباع رباعها ولا يؤاجر بيوتها قلت الأصل في باب المعارضة التساوي وحديث عبد الله بن عمرو لا يقاوم حديث أسامة لأن في سند حديث عبد الله بن عمر وإسماعيل بن إبراهيم بن المهاجر ضعفه يحيى والنسائي وعن يحيى مرة لا شيء فحينئذ يسقط حديث عبد الله بن عمرو ولئن سلمنا المساواة فلا يكتفي بها بل يكشف وجه ذلك من طريق النظر فوجدنا أن ما يقضي به حديث أسامة أولى وأصوب من حديث عبد الله بيان ذلك أن المسجد الحرام وغيره من المساجد وجميع المواضع التي لا تدخل في ملك أحد لا يجوز لأحد أن يبني فيها بناء أو يحتجر موضعا منها ألا ترى أن موضع الوقوف بعرفة لا يجوز لأحد أن يبني فيها بناء وكذلك منى لا يجوز لأحد أن يبني فيها دارا لحديث عائشة رضي الله تعالى عنها قالت قلت يا رسول الله ألا تتخذ لك بمنى بيتا تستظل فيه فقال يا عائشة إنها مناخ لمن سبق أخرجه الترمذي وابن ماجه وأحمد والطحاوي ووجدنا مكة على خلاف ذلك لأنه قد أجيز فيها البناء وقد قال رسول الله يوم دخل مكة من دخل دار أبي سفيان فهو آمن فهذا يذل على أن مكة مما يبنى فيها الدور ومما يغلق عليها الأبواب فإذا كان كذلك يكون صفتها صفة المواضع التي تجري عليها الأملاك وتقع فيها المواريث فحينئذ يجوز بيع الدور التي فيها ويجوز إجارتها وقال ابن قادمة أضاف النبي الدار إلى أبي سفيان إضافة ملك يقول من دخل دار أبي سفيان فهو آمن ولأن أصحاب النبي كانت لهم دور بمكة دار لأبي بكر رضي الله تعالى عنه وللزبير وحكيم بن حزام وغيرهم مما يكثر تعدادهم فبعض بيع وبعض في يد أعقابهم إلى اليوم وأن عمر رضي الله تعالى عنه اشترى من صفوان بن أمية دارا بأربعة آلاف درهم واشترى معاوية من حكيم بن حزام دارين بمكة إحداهما بستين ألف درهم والأخرى بأربعين ألف درهم وهذه قصص اشتهرت فلم تنكر فصارت إجماعا ولأنها أرض حية لم ترد عليها صدقة محرمة فجاز بيعها كسائر الأراضي وقال الطحاوي فإن احتج محتج في ذلك بقوله تعالى إن الذين كفروا ويصدون عن سبيل الله والمسجد الحرام الذي جعلناه للناس سواء العاكف فيه والبادي ( الحج 52 ) قيل له قد روي في تأويل هذا عن المتقدمين ما حدثنا إبراهيم بن مرزوق قال حدثنا أبو عاصم عن عبد الله بن مسلم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال سواء العاكف فيه والبادي قال خلق الله فيه سواء فثبت بذلك أنه إنما قصد بذلك إلى البيت أو إلى المسجد الحرام لا إلى سائر مكة فإذا كان كذلك لا يتساوى الناس في غير المسجد الحرام لأن بعضهم يكونون ملاكا وبعضهم يكونون سكانا فالمالك يجوز له بيع ملكه وإجارته ونحوهما ويخدش هذا ما روي عن ابن عباس أيضا قال كانوا يرون الحرم كله مسجدا سواء العاكف فيه والبادي وروى الثوري عن منصور عن مجاهد قال قال عمر رضي الله تعالى عنه يا أهل مكة لا تتخذوا لدوركم أبوابا لينزل البادي حيث شاء وروى عبيد الله عن نافع عن ابن عمر أن عمر نهى أهل مكة أن يغلقوا أبواب دورهم دون الحاج وروى ابن أبي نجيح عن عبيد الله بن عمر قال من أكل كراء بيوت أهل مكة فإنما يأكل نارا في بطنه .
وفيه من الفوائد أن فيه دليلا على بقاء دور مكة لأربابها وفيه دليل على أن المسلم لا يرث الكافر وفقهاء الأمصار على ذلك إلا ما حكي عن معاوية ومعاذ والحسن البصري وإبراهيم النخعي وإسحاق أن المسلم يرث الكافر وأجمعوا على أن الكافر لا يرث المسلم .
54 - .
( باب نزول النبي مكة ) .
أي هذا باب في بيان نزول النبي في مكة ومراده بيان موضع نزوله .
9851 - حدثنا ( أبو اليمان ) قال أخبرنا ( شعيب ) عن ( الزهري ) قال حدثني ( أبو سلمة ) أن ( أبا هريرة ) رضي الله تعالى عنه قال قال رسول الله حين أراد قدوم مكة منزلنا غدا إن شاء الله تعالى بخيف بني كنانة حيث تقاسموا على الكفر .
مطابقته للترجمة في قوله منزلنا غدا إلى آخره .
ورجاله قد ذكروا غير مرة وأبو اليمان الحكم بن نافع وشعيب بن أبي حمزة والزهري هو محمد بن مسلم .
وأخرجه البخاري أيضا في الهجرة عن عبد العزيز بن عبد الله وفي المغازي عن موسى