عنه قال في قول الله تعالى وأتموا الحج والعمرة لله ( البقرة 691 ) قال من تمامها أن يفرد كل واحد منهما من الآخر وأن يعتمر في غير أشهر الحج إن الله تعالى يقول الحج أشهر معلومات ( البقرة 791 ) قوله فإنه أي فإن النبي قوله لم يحل أي لم يخرج من إحرامه حتى نحر الهدي في منى .
ذكر ما يستفاد منه فيه الدلالة على جواز الإحرام المعلق وبه أخذ الشافعي وقد ذكرناه مع الجواب عنه وفيه فسخ الحج إلى العمرة ونهى عمر رضي الله تعالى عنه عن المتعة وقال المازري قيل إن المتعة التي نهى عنها عمر رضي الله تعالى عنه فسخ الحج إلى العمرة وقيل ونهى عمر عن العمرة في أشهر الحج ثم الحج من عامة وعلى الثاني إنما نهى عنها ترغيبا في الإفراد الذي هو أفضل لا أنه يعتقد بطلانها وتحريمها وقال عياض الظاهر أنه نهى عن الفسخ ولهذا كان يضرب الناس عليها كما رواه مسلم بناء على أن الفسخ كان خاصا بتلك السنة وقال النووي والمختار أنه نهى عن المتعة المعروفة التي هي الاعتمار في أشهر الحج ثم الحج من عامة وهو على التنزيه للترغيب في الإفراد ثم انعقد الإجماع على جواز التمتع من غير كراهة وقيل علة كراهة عمر المتعة أن يكون معرسا بالمرأة ثم يشرع في الحج ورأسه يقطر وذلك أنه كان من رأيه عدم الترفه للحاج بكل طريق فكره لهم قرب عهدهم بالنساء لئلا يستمر الميل إلى ذلك بخلاف من بعد عهده منهن ويدل على ذلك ما رواه مسلم عن أبي موسى أنه كان يفتي بالمتعة فقال رجل رويدك ببعض فتياك فإنك لا تدري ما أحدث أمير المؤمنين بعد حتى لقيه بعد فسأله فقال عمر رضي الله تعالى عنه قد علمت أن النبي قد فعله وأصحابه ولكن كرهت أن يظلوا معرسين بهن في الأراك ثم يروحون في الحج تقطر رؤوسهم وفيه حجة لأبي حنيفة وأحمد من أن المعتمر إذا كان معه الهدي لا يتحلل من عمرته حتى ينحر هديه يوم النحر وقال مالك والشافعي إنه إذا طاف وسعى وحلق حل من عمرته وحل له كل شيء في الحال سواء كان ساق هديا أم لا والحديث حجة عليهما فإن قلت كيف أمر النبي أبا موسى في هذا الحديث بالإحلال ولم يأمر عليا رضي الله تعالى عنه والحال أن كلا منهما قال إهلالي كإهلال النبي قلت لأن أمره لأبي موسى بالإحلال على معنى ما أمر به غيره بالفسخ بالعمرة لمن ليس معه هدي وأمره لعلي رضي الله تعالى عنه أن يهدي ويمكث حراما إما لأنه والله تعالى أعلم كان معه هدي أو قد يكون قد اعتقد النبي أنه يهدي عنه أو يكون خصه بذلك أو لما كان النبي أمره بسوق هذه البدن من اليمن فكان كمن معه هدي ولا يظن أن هذه البدن من السعاية والصدقة بوجه إذ لا يحل للنبي الصدقة ولا يهدي منها والأشبه أن عليا اشتراها باليمن كما اشترى النبي بقيتها وجاء بها من المدينة على ما جاء في حديث أيضا أنه اشترى هديه بقديد وفي حديث ابن عمر فساق الهدي معه من ذي الحليفة وكان النبي قد أعلمه أنه سيعطيه هديا منها وفي حديث جابر أنه قدم ببدن النبي وقد يحتمل أنه كان له فيها هدي لم يحتج إلى ذكرها في الحديث فلم يمكنه أن يحل ويدل على هذا سؤال النبي لأبي موسى هل ساق هديا ولم يسأل علي فدل على علمه بأنه كان ممن أهدى أو ممن حكمه حكم من أهدى والله أعلم .
33 - .
( باب قول الله تعالى الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج ) .
أي هذا باب في بيان تفسير قول الله تعالى الحج أشهر معلومات الكلام فيه على أنواع .
الأول في إعرابها فقوله الحج مبتدأ وقوله أشهر خبره وقوله معلومات صفة الأشهر ومن شرط الخبر أن يصح به الإخبار عن المبتدأ فلا يصح أن يخبر بالأشهر عن الحج فلذلك قدر فيه حذف تقديره وقت الحج أشهر معلومات ويقال تقديره الحج حج أشهر معلومات فعلى الأول المقدر قبل المبتدأ وعلى الثاني قبل الخبر وإن كان يصلح فيه تقدير كلمة في فلا يقال إلا بالرفع وكذلك كلام العرب يقولون البرد شهران فلا ينصبونه وقال الواحدي يمكن حمله على غير إضمار وهو أن الأشهر جعلت نفس الحج اتساعا لكون الحج يقع فيها كقولهم ليل نائم قوله أشهر جمع شهر وليس المراد منه ثلاثة أشهر كوامل ولكن المراد