وجد لهم الفقراء وإلا جاز النقل ويحتمل أن يكون غرضه عكسه قلت ليس الظاهر ما قاله فإنه قال ترد حيث كانوا أي الفقراء وهو أعم من أن يكونوا في موضع كان فيه الأغنياء أو في غيره فالعجب منه العكس حيث جعل الامتناع ظاهرا وهو محتمل وجعل الظاهر عكسا فافهم وقد مر الكلام فيه مستوفى في حديث معاذ في أوائل الزكاة .
6941 - حدثنا ( محمد ) قال أخبرنا ( عبد الله ) قال أخبرنا ( زكرياء بن إسحاق ) عن ( يحيى بن عبد الله ابن صيفي ) عن ( أبي معبد ) مولى ( ابن عباس ) عن ( ابن عباس ) رضي الله تعالى عنهما قال قال رسول الله لمعاذ بن جبل حين بعثه إلى اليمن إنك ستأتي قوما أهل كتاب فإذا جئتهم فادعهم إلى أن يشهدوا أن لا إلاه إلا الله وأن محمدا رسول الله فإن هم أطاعوا لك بذالك فأخبرهم أن الله قد فرض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة فإن هم أطاعوا لك بذالك فأخبرهم أن الله قد فرض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم فإن هم أطاعوا لك بذالك فإياك وكرائم أموالهم واتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينه وبين الله حجاب .
مطابقته للترجمة في قوله تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم وهذا الحديث قد مضى في أول باب وجوب الزكاة فإنه أخرجه هناك عن أبي عاصم الضحاك بن مخلد عن زكرياء بن إسحاق إلى آخره وهنا أخرجه عن محمد بن مقاتل عن عبد الله بن المبارك إلى آخره وقد مر الكلام فيه هناك مستقصى وههنا زيادة وهي قوله فإياك وكرائم أموالهم واتق دعوة المظلوم إلى آخره ولنذكر هنا ما لم نذكره هناك فقوله عن ابن عباس قال قال رسول الله لمعاذ حين بعثه إلى اليمن هكذا هو في جميع الطرق إلا ما أخرجه مسلم عن أبي بكر بن أبي شيبة وأبي كريب وإسحاق بن إبراهيم ثلاثتهم عن وكيع فقال فيه عن ابن عباس عن معاذ بن جبل قال بعثني رسول الله إلى اليمن فعلى هذا فهو من مسند معاذ وسائر الروايات غير هذه من مرسل ابن عباس وأخرجه الترمذي عن أبي كريب عن وكيع عن ابن عباس أن رسول الله بعث معاذا وكذا أخرجه إسحاق بن راهويه عن وكيع نحوه وكذا رواه أحمد في ( مسنده ) عن وكيع وأخرجه عنه أبو داود وأخرجه البخاري في المظالم عن يحيى بن موسى عن وكيع كذلك وأخرجه ابن خزيمة في ( صحيحه ) عن محمد بن عبد الله المخزومي وجعفر بن محمد الثعلبي والإسماعيلي من طريق أبي خيثمة وموسى بن المسندي والدارقطني من طريق يعقوب بن إبراهيم الدورقي وإسحاق ابن إبراهيم البغوي كلهم عن وكيع كذلك ولا يستبعد حضور ابن عباس لذلك لأنه كان في أواخر حياة النبي وهو إذ ذاك مع أبويه .
قوله ستأتي قوما توطئة للوصية ليقوي همته عليها لكون أهل الكتاب أهل علم في الجملة فلذلك خصهم بالذكر تفضيلا لهم على غيرهم قوله أهل كتاب بدل لا صفة وكان في اليمن أهل الذمة وغيرهم وحكى ابن إسحاق في أول ( السيرة ) إن أصل دخول اليهود في اليمن في زمن أسعد أبي كرب وهو تبع الأصفر قوله فإذا جئتهم إنما ذكر لفظة إذا دون أن تفاؤلا بحصول الوصول إليهم قوله فادعهم إلى شهادة أن لا إلاه إلا الله وأن محمدا رسول الله كذا في رواية زكريا بن إسحاق لم يختلف عليه فيها وفي رواية روح بن القاسم عن إسماعيل بن أمية فأول ما تدعوهم إليه عبادة الله تعالى فإذا عرفوا الله وفي رواية الفضل بن العلاء عنه إلى أن يوحدوا الله وإذا عرفوا ذلك قوله فإن هم أطاعوا لك بذلك أي شهدوا وانقادوا وفي رواية ابن خزيمة فإن هم أجابوا لذلك وفي رواية الفضل ابن العلاء فإذا عرفوا ذلك وإنما عدى أطاعوا باللام وإن كان يتعدى بنفسه لتضمنه معنى انقادوا قوله ( فإياك ) كلمة تحذير ( وكرائم ) منصوب بفعل مضمر لا يجوز إظهاره قال ابن قتيبة ولا يجوز حذف