بالتبرر وهو فعل البر وهو الطاعة وقال أهل اللغة أصل التحنث أن يفعل فعلا يخرج به من الحنث وهو الإثم وكذا تأثم وتحرج وتهجد أي فعل فعلا يخرج عن الإثم والحرج والهجود قوله من صدقة كلمة من بيانية قوله أو عتاقة وهو أنه أعتق مائة رقبة في الجاهلية وحمل على مائة بعير كما ذكرنا قوله على ما سلف أي على اكتساب ما سلف لك من خير أو على احتسابه أو على قبول ما سلف وروي أن حسنات الكافر إذا ختم له بالإسلام مقبولة أو تحسب له فإن مات على كفره بطل عمله قال تعالى ومن يكفر بالإيمان فقد حبط عمله ( المائدة 5 ) وقال المازري اختلف في قوله أسلمت على ما سلف من خير ظاهره خلاف ما يقتضيه الأصول لأن الكافر لا تصح منه قربة فيكون مثابا على طاعته ويصح أن يكون مطيعا غير متقرب كنظيره في الإيمان فإنه مطيع من حيث كان موافقا للأمر والطاعة عندنا موافقة للأمر ويصح أن يكون مطيعا غير متقرب كنظيره في الإيمان فإنه مطيع من حيث كان موافقا للأمر والطاعة عندنا موافقة للأمر ولكنه لا يكون متقربا لأن من شرط التقرب أن يكون عارفا بالمتقرب إليه وهو في حين نظره لم يحصل له العلم بالله تعالى بعد .
فإذا قرر هذا فاعلم أن الحديث متأول وهو يحتمل وجوها .
أحدها أن يكون المعنى أنك اكتسبت طباعا جميلة وأنت تنتفع بتلك الطباع في الإسلام وتكون تلك العادة تمهيدا لك ومعونة على فعل الخير والطاعات الثاني معناه اكتسبت بذلك ثناء جميلا فهو باق عليك في الإسلام الثالث أن لا يبعد أن يزاد في حسناته التي يفعلها في الإسلام ويكثر أجره لما تقدم له من الأفعال الجميلة وقد قالوا في الكافر إذا كان يفعل الخير فإنه يخفف عنه به فلا يبعد أن يزاد هذا في الأجور .
وقال عياض وقيل معناه ببركة ما سبق لك من خير هداك الله تعالى إلى الإسلام فإن من ظهر فيه خير في أول أمره فهو دليل على سعادة أخراه وحسن عاقبته وذهب ابن بطال وغيره من المحققين إلى أن الحديث على ظاهره وأنه إذا أسلم الكافر ومات على الإسلام يثاب على فعله من الخير في حال الكفر واستدلوا بحديث أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه قال قال رسول الله أذا أسلم الكافر فحسن إسلامه كتب الله له حسنة زلفها ومحا عنه كل سيئة كان زلفها وكان عمله بعد ذلك الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف والسيئة بمثلها إلا أن يتجاوز الله تعالى ذكره الدارقطني في ( غريب حديث مالك ) ورواه عنه من تسع طرق وثبت فيها كلها أن الكافر إذا حسن إسلامه يكتب له في الإسلام كل حسنة عملها في الشرك وقال ابن بطال بعد ذكر هذا الحديث ولله تعالى أن يتفضل على عباده ما شاء لا اعتراض لأحد عليه وهو كقوله لحكيم بن حزام أسلمت على ما أسفلت من خير وقال بعض أهل العلم معناه كل مشرك أسلم أنه يكتب له كل خير عمله قبل إسلامه ولا يكتب عليه من سيئاته شيء لأن الإسلام يهدم ما قبله وإنما كتب له به الخير لأنه أراد به وجه الله تعالى لأنهم كانوا مقرين بالربوبية إلا أن عملهم كان مردودا عليهم لو ماتوا على شركهم فلما أسلموا تفضل الله عليهم فكتب لهم الحسنات ومحا عنهم السيئات كما قال ثلاثة يؤتون أجرهم مرتين وفيه وهو الثالث ورجل من أهل الكتاب آمن بنبيه وآمن بمحمد قال المهلب ولعل حكيما لو مات على جاهليته أن يكون ممن يخفف عنه من عذاب النار كما حكي في أبي طالب وأبي لهب انتهى وهذان لا يقاس عليهما لخصوصيتهما .
وقال ابن الجوزي وقيل إن النبي ورى عن جوابه فإنه سأله هل لي فيها أجر يريد ثواب الآخرة ومعلوم أنه لا ثواب في الآخرة لكافر فقال له أسلمت على ما سلف لك من خير والعتق فعل خير فأراد النبي أنك قد فعلت خيرا والخير يمدح فاعله وقد يجازى عليه في الدنيا وذكر حديث أنس من ( صحيح مسلم ) عن النبي أنه قال أما الكافر فيطعم بحسناته في الدنيا فإذا لقي الله لم يكن له حسنة وقال الخطابي روي أن حسنات الكافر إذا ختم له بالإسلام محتسبة له فإن مات على كفره كانت هدرا وقال أبو الفرج فإن صح هذا كان المعنى أسلمت على قبول ما سلف لك من خير وقال القرطبي الإسلام إذا حسن هدم ما قبله من الآثام وأحرز ما قبله من البر وقال الحربي معنى حديث حكيم ما تقدم لك من الخير الذي عملته هو لك كما تقول أسلمت لك على ألف درهم على أن أحوزها لنفسي قال القرطبي وهذا الذي قاله الحربي هو أشبهها وأولاها والله أعلم .
وقال النووي وقد يعتد بعض أفعال الكافرين في أحكام الدنيا فقد قال الفقهاء إذا وجب على الكافر كفارة ظهار أو غيرها فكفر في حال كفره أجزأه ذلك وإذا أسلم لا تجب عليه إعادتها واختلف