الله عنهما قال لما وجه النبي إلى الكعبة قالوا يا رسول الله كيف إخواننا الذين ماتوا وهم يصلون إلى بيت المقدس فأنزل الله تعالى وما كان الله ليضيع ايمانكم ( البقرة 143 ) وكذا أخرجه ابن حبان في ( صحيحه ) والحاكم في ( مستدركه ) قوله إنهأي إن الشأن قوله مات فعل وفاعله قوله رجال وقوله على القبلة قبل أن تحول معترض بينهما وأراد بالقبلة بيت المقدس وهي القبلة المنسوخة و أن مصدرية والتقدير قبل التحويل إلى الكعبة والذين ماتوا على القبلة المنسوخة قبل تحويلها إلى الكعبة عشرة أنفس ثمانية منهم من قريش وهم عبد الله بن شهاب الزهري والمطلب بن أزهر الزهري والسكران بن عمر والعامري ماتوا بمكة وحطاب بالمهملة ابن الحارث الجمحي وعمرو بن أمية الأسدي وعبد الله بن الحارث السهمي وعروة بن عبد العزى العدوي وعدي بن نضلة العدوي واثنان من الأنصار وهما البراء بن معرور بالمهملات وأسعد بن زرارة ماتا بالمدينة فهؤلاء العشرة متفق عليهم ومات أيضا قبل التحويل اياس بن معاذ الأشهلي لكنه مختلف في إسلامه قوله وقتلوا على صيغة المجهول عطف على قوله مات رجال فإن قلت كيف يتصور إطلاق القتل على الميت لأن الذي يموت حتف أنفه لا يسمى مقتولا قلت قال الكرماني يحتمل أن يكون المقتولون نفس المائتين وفائدة ذكر القتل بيان كيفية موتهم إشعارا بشرفهم واستبعادا لضياع طاعتهم وأن العقل قرينة لكون الواو بمعنى أو قلت كلامه يشعر بقتل رجال قبل تحويل القبلة وهذا ليس بشيء لأنه لم يعرف قط في الأخبار أن الواحد من المسلمين قتل قبل تحويل القبلة على أن هذه اللفظة اعني قوله وقتلوا لا توجد غير رواية زهير بن معاوية وفي باقي الروايات كلها ذكر الموت فقط فيحتمل أن تكون هذه غير محفوظة وقال بعضهم فإن كانت هذه محفوظة فتحمل على أن بعض المسلمين ممن لم يشتهر قتل في تلك المدة في غير الجهاد ولم يضبط اسمه لقلة الاعتناء بالتاريخ إذ ذاك ثم وجدت في المغازي ذكر رجل اختلف في إسلامه وهو سويد بن الصامت فقد ذكر ابن اسحق أنه لقي النبي قبل أن يلقاه الأنصار في العقبة فعرض عليه الإسلام فقال إن هذا القول حسن وأتى المدينة فقتل بها في وقعة بعاث وكانت قبل الهجرة قال فكان قومه يقولون لقد قتل وهو مسلم فيحتمل أن يكون هو المراد قلت فيه نظر من وجوه الأول أن هذا حكم بالاحتمال فلا يصح الثاني قوله لقلة الاعتتاء بالتاريخ إذ ذاك ليس كذلك فكيف اعتنوا بضبط أسماء العشرة الميتين ولم يعتنوا بضبط الذين قتلوا بل الاعتناء بالمقتولين أولى لأن لهم مزية على غيرهم والثالث أن الذي وجده في المغازي لا يصلح دليلا لتصحيح اللفظة المذكورة من وجهين احدهما أن هذا الرجل لم يتفق على إسلامه والآخر أن هذا واحد وقوله وقتلوا صيغة جمع تدل على أن المقتولين جماعة وأقلها ثلاثة أنفس والرابع من وجوه النظر أن وقعة بعاث كانت بين الاوس والخزرج في الجاهلية ولم يكن في ذلك الوقت اسلام فكيف يستدل بقتل الرجل المذكور في وقعة بعاث على أن قتله كان فى وقت كون القبلة هو بيت المقدس وهذا ليس بصحيح وقال الصغاني بعاث بالضم على ليلتين من المدينة ويوم بعاث يوم كان بين الأوس والخزرج في الجاهلية ووقع في كتاب العين بالغين المعجمة والصواب بالعين المهملة لا غير ذكره في فصل الثاء المثلثة من كتاب الباء الموحدة قوله فلم يدر أي فلم يعلم رسول الله ان طاعتهم ضائعة ام لا فأنزل الله الآية .
31 - .
( باب حسن إسلام المرء ) .
اي هذا باب في بيان حسن إسلام المرء والباب هنا مضاف قطعا وجه المناسبة بين البابين من حيث إن المذكور في الباب الأول أن الصلاة من الإيمان وهذا الباب فيه حسن إسلام المرء ولا يحسن إسلام المرء إلا بإقامة الصلاة وقال بعضهم في فوائد حديث الباب السابق وفيه بيان ما كان في الصحابة من الحرص على دينهم والشفقة على أخوانهم وقد وقع لهم نظير هذه المسألة لما نزل تحريم الخمر كما صح من حديث البراء ايضا فنزلت ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا إلى قوله والله يحب المحسنين ( المائدة 93 ) وقوله تعالى انا لا نضيع أجر من احسن عملا ( الكهف 30 ) ولملاحظة هذا المعنى عقب المصنف هذا الباب بقوله باب حسن إسلام المرء فانظر إلى هذا هل ترى له تناسبا لوجه المناسبة بين البابين وقال بعض الشارحين ومناسبة التبويب زيادة الحسن على الإسلام واختلاف أحواله بالنسبة إلى الأعمال قلت هذا أيضا قريب من الأول