وفيه وفي كل أربعين دينارا دينار رواه ابن حبان والحاكم في صحيحيهما وكان صرف الدينار عشرة دراهم فعدل المسلمون بخمس أوراق من الفضة عشرين مثقالا وجعلوه زكاة نصاب الذهب وتواتر العمل به وعليه جمهور العلماء أن الذهب إذا كان عشرين مثقالا وقيمتها مائتا درهم فيها نصف دينار إلا ما روي عن الحسن أنه ليس فيما دون أربعين دينارا زكاة وهو شاذ لا يعرج عليه وذهبت طائفة إلا أن الذهب إذا بلغت قيمته مائتي درهم ففيه زكاة وإن كان أقل من عشرين مثقالا وهو قول عطاء وطاووس والزهري فجعلوا الفضة أصلا في الزكاة .
4 - .
( باب ما أدي زكاته فليس بكنز ) .
أي هذا باب في بيان أن المال الذي أدي زكاته فليس بكنز وقع هكذا عند أبي ذر ووقع عند أبي الحسن باب من أدى زكاته فليس بكنز قال ابن التين معناه فليس بذي كنز قلت على هذا الوجه لا بد من تأويل لأن الخبر لا بد أن يكون من المشتقات ليصح الحمل على المبتدأ .
لقول النبي ليس فيما دون خمسة أواق صدقة .
علل البخاري بهذا الحديث حيث ذكره بلام التعليل صحة ترجمته بقوله باب ما أدي زكاته فليس بكنز لأن شرط كون الكنز شيئان أحدهما أن يكون نصابا والثاني أن لا يخرج منه زكاته فإذا عدم النصاب لا يلزمه شيء فلا يكون كنزا ولا يدخل تحت قوله تعالى والذين يكنزون الذهب والفضة ( التوبة 43 ) فلا يستحق العذاب وإذا وجد النصاب ولم يزك يكون كنزا فيدخل تحت الآية ويستحق العذاب وإذا وجد النصاب وزكى لا يكون كنزا فلا يستحق العذاب وهذا هو الترجمة فإن قلت كيف يطابق هذا التعليل الترجمة والترجمة فيما أدي زكاته فليس بكنز والحديث فيما إذا كان العين أقل من خمسة أواق ليست فيها صدقة أي زكاة وبهذا الوجه اعترض الإسماعيلي على هذه الترجمة قلت تكلف فيه بأن قيل إن مراده أن ما دون خمسة أواق ليس بكنز لأنه لا صدقة فيه فإذا كانت خمسة أواق أو أكثر وأدى زكاتها فليست بكنز فلا يدخل تحت الوعيد وعن هذا قال ابن بطال نزع البخاري بأن كل ما أدي زكاته فليس بكنز لإيجاب الله تعالى على لسان رسوله في كل خمس أواق ربع عشرها فإذا كان ذلك فرض الله تعالى على لسان رسوله فمعلوم أن الكنز هو المال وإن بلغ ألوفا إذا أديت زكاته فليس بكنز ولا يحرم على صاحبه اكتنازه لأنه لم يتوعد عليه وإنما الوعيد على ما لم تؤد زكاته وقيل أراد البخاري بهذه الترجمة حديثا رواه جابر مرفوعا أيما مال أديت زكاته فليس بكنز لكنه ليس على شرطه فلم يخرجه انتهى قلت هذا مستبعد جدا لأنه كيف يترجم بشيء ثم يعلله بالحديث المذكور ويشير إلى حديث آخر ليس عنده بصحيح وهذا غير موجه ولو قال هذا القائل أراد بهذه الترجمة حديثا روته أم سلمة مرفوعا ما بلغ أن تؤدى زكاته فزكي فليس بكنز لكان له وجه ما لأن حديث أم سلمة رواه أبو داود من رواية ثابت بن عجلان عن عطاء عنها قالت كنت ألبس أوضاحا من ذهب فقلت يا رسول الله أكنز هو فقال ما بلغ أن تؤدى زكاته فزكي فليس بكنز وإسناده جيد ورجاله رجال البخاري وأخرجه الحاكم أيضا وصححه وقال على شرط البخاري وأما حديث جابر فأخرجه أحمد في ( مسنده ) بسند ضعيف وقال أبو زرعة في ( العلل ) لابن أبي حاتم الصحيح أنه موقوف وأخرجه الحاكم في ( المستدرك ) من رواية ابن جريج عن أبي الزبير عنه عن النبي قال إذا أديت زكاة مالك فقد أذهبت عنك شره وقال هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجه ورواه البيهقي هكذا ثم رواه موقوفا على جابر وقال هذا أصح ويجيء الكلام في معنى قوله ليس فيما دون خمسة أواق صدقة في حديث أبي سعيد في هذا الباب .
( وقال أحمد بن شبيب بن سعيد حدثنا أبي عن يونس عن ابن شهاب عن خالد بن أسلم