فرغ رسول الله من غزوة طائف فإذا هو بغلام قد وقع يعبث في الأرض فنادى مناديه أين السائل عن اللاهين فأقبل الرجل إلى رسول الله فنهى رسول الله عن قتل الأطفال ثم قال الله أعلم بما كانوا عاملين هذا من اللاهين وروى أحمد من طريق خنساء بنت معاوية بن صريم عن عمتها قالت قلت يا رسول الله من في الجنة قال النبي في الجنة والشهيد في الجنة والمولود في الجنة والوئيد في الجنة إسناده حسن .
ذكر رجاله وهم ستة حبان بكسر الحاء المهملة وتشديد الباء الموحدة ابن موسى مر غير مرة وأبو بشر بكسر الباء الموحدة وسكون الشين المعجمة واسمه جعفر بن أبي وحشية وقد مر أيضا .
وفي سنده التحديث بصيغة الجمع في موضع وفيه الإخبار كذلك في موضعين وفيه العنعنة في ثلاثة مواضع وفيه أن شيخه وشيخ شيخه مروزيان وشعبة واسطي وأبو بشر بصري وسعيد بن جبير كوفي .
ذكر تعدد موضعه ومن أخرجه غيره أخرجه البخاري أيضا في القدر عن محمد بن بشار وأخرجه مسلم في القدر عن يحيى بن يحيى وأخرجه أبو داود في السنة عن مسدد وأخرجه النسائي في الجنائز عن مجاهد بن موسى وعن محمد بن المثنى قوله سئل رسول الله لم يدر هذا السائل من هو قيل يحتمل أن تكون عائشة هي السائلة لما روى أحمد وأبو داود من طريق عبد الله بن أبي قيس عنها قالت قلت يا رسول الله ذراري المسلمين قال مع آبائهم قلت يا رسول الله بلا عمل قال الله أعلم بما كانوا عاملين الحديث وروى ابن عبد البر من طريق أبي معاذ عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت سألت خديجة النبي عن أولاد المشركين فقال هم مع آبائهم ثم سألته عن ذلك فقال الله أعلم بما كانوا عاملين ثم سألته بعدما استحكم الإسلام فنزلت ولا تزر وازرة وزر أخرى ( الأنعام 461 الإسراء 512 فاطر 81 الزمر 7 والنجم 83 ) فقال هم على الفطرة أو قال في الجنة وأبو معاذ هو سليمان بن أرقم وهو ضعيف ولو صح هذا لكان قاطعا للنزاع .
قوله إذ خلقهم أي حين خلقهم قوله الله أعلم بما كانوا عاملين قال ابن قتيبة أي علم أنهم لا يعلمون شيئا ولا يرجعون فيعملون أو أخبر بعلم الشيء لو وجد كيف يكون مثل قوله ولو ردوا لعادوا ( الأنعام 82 ) ولكن لم يرد أنهم يجازون بذلك في الآخرة لأن العبد لا يجازى بما لم يعمل وقال ابن بطال يحتمل قوله الله أعلم بما كانوا عاملين وجوها من التأويل أحدها أن يكون قبل إعلامه أنهم من أهل الجنة الثاني أي على أي دين يميتهم لو عاشوا فبلغوا العمل فأما إذا عدم منهم العمل فهم في رحمة الله التي ينالها من لا ذنب له الثالث أنه مجمل يفسره قوله تعالى وإذ أخذ ربك من بني آدم ( الأعراف 271 ) الآية فهذا إقرار عام يدخل فيه أولاد المؤمنين والمشركين فمن مات منهم قبل بلوغ الحنث ممن أقر بهذا الإقرار من أولاد الناس كلهم فهو على إقراره المتقدم لا يقضي له بغيره لأنه لم يدخل عليه ما ينقضه إلى أن يبلغ الحنث وأما من قال حكمهم حكم آبائهم فهو مردود بقوله تعالى ولا تزر وازرة وزر أخرى ( الأنعام 461 الإسراء 512 فاطر 81 الزمر 7 والنجم 83 ) ح .
ذكر ما يستفاد منه اختلف العلماء قديما وحديثا في هذه المسألة على أقوال .
الأول أنهم في مشيئة الله تعالى وهو منقول عن حماد بن سلمة وحماد بن زيد وعبد الله بن المبارك وإسحاق ونقله البيهقي عن الشافعي في حق أولاد الكفار خاصة والحجة فيه الله أعلم بما كانوا عاملين .
الثاني أنهم تبع لآبائهم فأولاد المسلمين في الجنة وأولاد الكفار في النار وحكاه ابن حزم عن الأزارقة من الخوارج واحتجوا بقوله تعالى رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا ( نوح 62 ) ورد بأن المراد قوم نوح خاصة وإنما دعا بذلك لما أوحى الله إليه إنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن ( هود 63 ) فإن قلت في الحديث هم من آبائهم أو منهم ( قلت ) ذاك ورد في الحرب ( فإن قلت ) روى أحمد من حديث عائشة رضي الله تعالى عنها سألت رسول لله عن ولدان المسلمين قال في الجنة وعن أولاد المشركين قال في النار ولو شئت أسمعتك تضاغيهم في النار قلت هذا حديث ضعيف جدا لأن في إسناده أبا عقيل مولى نهية وهو متروك .
الثالث أنهم يكونون في برزخ بين الجنة والنار لأنهم لم يعملوا حسنات يدخلون بها الجنة ولا سيئات يدخلون بها النار .
الرابع هم خدم أهل الجنة وورد فيه حديث ضعيف أخرجه أبو داود الطيالسي وأبو يعلى والبزار من حديث سمرة مرفوعا أولاد المشركين خدم أهل الجنة .
الخامس أنهم يمتحنون