روي هذا الحديث من وجوه صحاح ثابتة من حديث أبي هريرة وغيره فممن رواه عن أبي هريرة الأعرج وابن المسيب وابن سيرين وسعيد بن أبي سعيد وأبو سلمة وحميد بن عبد الرحمن وأبو صالح واختلف على ابن شهاب في رواية فمعمر والزهري قالا عنه عن سعيد وعن أبي هريرة ويونس وابن أبي ذئب قالا عنه عن أبي سلمة عن أبي هريرة وقال الأوزاعي عنه عن حميد قال محمد بن يحيى الذهلي هذه الطرق كلها صحاح عن ابن شهاب وهو عن مالك في ( الموطأ ) عن أبي الزناد عن الأعرج ورواه عن أبي الزناد أيضا عبد الله بن الفضل الهاشمي شيخ مالك رضي الله تعالى عنه وعند ابن شهاب رضي الله تعالى عنه عن عطاء بن يزيد عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه مرفوعا سئل عن أولاد المشركين فقال الله أعلم ما كانوا عاملين .
ذكر معناه قوله يصلى على كل مولود متوفى بضم الياء وتشديد اللام المفتوحة على صيغة المجهول وقوله متوفى صفة مولود قوله لغية بكسر اللام والغين المعجمة وتشديد الياء آخر الحروف مشتق من الغواية وهي الضلالة كفرا وغيره وأيضا يقال لولد الزنا ولد الغية ولغيره ولد الرشدة فالمراد منه وإن كان المولود لكافرة أو زانية يصلى عليه إذا مات إذا كان أبواه مسلمين أو أبوه فقط وهو معنى قوله من أجل أنه ولد على فطرة الإسلام يدعي أبواه الإسلام أو أبوه خاصة يعني دون أمه قوله يدعي جملة حالية والأصل أن مذهب الزهري أنه يصلي على ولد الزنا ولا يمنع ذلك من الصلاة عليه لأنه محكوم بإسلامه تبعا لأبويه أو لأبيه خاصة إذا كانت أمه غير مسلمة قوله إذا استهل أي إذا صاح عند الولادة وهو على صيغة المجهول من الاستهلال وهو الصياح عند الولادة قوله صارخا حال مؤكدة من الضمير الذي في استهل قوله سقط بكسر السين المهملة وضمها وفتحها وهو الجنين يسقط قبل تمامه قوله فإن أبا هريرة الفاء فيه للتعليل وقد قلنا أن هذه الرواية منقطعة قوله ما من مولود كلمة من زائدة ومولود مبتدأ و يولد خبره وتقديره ما من مولود يوجد على أمر إلا على الفطرة وهي في اللغة الخلقة والمراد بها هنا ما يراد في الآية الشريفة وهي الدين لأنه قد اعتورها البيان من أول الآية وهو فأقم وجهك للدين ( الروم 03 ) ومن آخرها وهو ذلك الدين القيم ( الروم 03 ) وقال الطيبي كلمة من الاستغراقية في سياق النفي التي تفيد العموم كقولك ما أحد خير منك والتقدير ما مولود يوجد على أمر من الأمور إلا على هذا الأمر والفطرة تدل على نوع منها وهو الابتداء والاختراع كالجلسة والقعدة والمعنى بها ههنا تمكن الناس من الهدى في أصل الجبلة والتهيىء لقبول الدين فلو ترك عليها لاستمر على لزومها ولم يفارقها إلى غيرها لأن هذا الدين حسنه موجود في النفوس وإنما يعدل عنه لآفة من الآفات البشرية والتقليد كقوله تعالى أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى ( البقرة 61 571 ) والفاء في أبواه إما للتعقيب وهو ظاهر وإما للتسبب أي إذا تقرر ذلك فمن تغير كان بسبب أويه ونذكر ما قالوا في معنى الفطرة عن قريب إن شاء الله تعالى قوله فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه معناه أنهما يعلمانه ما هو عليه ويصرفانه عن الفطرة ويحتمل أن يكون المراد يرغبانه في ذلك أو أن كونه تبعا لهما في الدين بولادته على فراشهما يوجب أن يكون حكمه حكمهما وقيل معنى يهودانه يحكم له بحكمهما في الدنيا فإن سبقت له السعادة أسلم إذا بلغ وإلا مات على كفره وإن مات قبل بلوغه فالصحيح أنه من أهل الجنة وقيل لا عبرة بالإيمان الفطري في أحكام الدنيا إنما يعتبر الإيمان الشرعي المكتسب بالإرادة والفعل وطفل اليهوديين مع وجود الإيمان الفطري محكوم بكفره في الدنيا تبعا لوالديه قال الكرماني فإن قلت الضمير في أبواه راجع إلى كل مولود لأنه عام فيقضي تهويد كل المواليد أو نحوه وليس الأمر كذلك لبقاء البعض على فطرة الإسلام قلت الغرض من التركيب أن الضلالة ليست من ذات المولود ومقتضى طبعه بل أينما حصلت فإنما هي بسبب خارج عن ذاته قوله كما تنتج البهيمة بهيمة جمعاء قال الطيبي قوله كما إما حال من الضمير المنصوب في يهودانه مثلا فالمعنى يهودان المولود بعد أن خلق على الفطرة شبيها بالبهيمة التي جدعت بعد أن خلقت سليمة وأما صفة مصدر محذوف أي يغيرانه تغيرا مثل تغييرهم البهيمة السليمة فالأفعال الثلاثة أعني يهودانه وينصرانه ويمجسانه تنازعت في كما على التقديرين قوله تنتج ويروى على بناء المفعول وفي ( المغرب ) عن الليث وقد نتج الناقة ينتجها نتجا إذا تولى نتاجها حتى وضعت فهو ناتج وهو للبهائم كالقابلة للنساء والأصل نتجتها ولذا