عن الإيمان فلم يعرفه وقال ما أتاني في صورة قط إلا عرفته فيها غير هذه المرة فكيف يستنكر أن لا يعرف موسى الملك حين دخل عليه .
وأما قول الجهمي ءن الله تعالى لم يقتص للملك فهو دليل على جهله من الذي أخبره أن بين الملائكة والآدميين قصاصا و من أخبره أن الملك طلب القصاص فلم يقتص له وما الدليل على أن ذلك كان عمدا وقد أخبرنا نبينا أن الله تعالى لم يقبض نبيا قط حتى يريه مقعده في الجنة ويخبره فلم ير أن يقبض روحه قبل أن يريه مقعده من الجنة ويخبره وقال ابن التين وقول من قال فقأ عينه بالحجة ليس بشيء لما في الحديث فرد الله عينه وقال الخطابي فإن قيل كيف يجوز أن يفعل موسى E بالملك مثل هذا الصنيع أو كيف تصل يده إليه أو كيف لا يقبض الملك روحه ولا يمضي أمر الله تعالى به قلت أكرم الله موسى E في حياته بأمور أفرده بها فلما دنت وفاته لطف أيضابه بأن لم يأمر الملك به بأخذ روحه قهرا لكن أرسله على سبيل الامتحان في صورة البشر فاستنكر موسى E شأنه ودفعه عن نفسه فأتى ذلك على عينه التي ركبت في الصورة البشرية التي جاءه فيها دون الصورة الملكية وقد كان في طبع موسى E حدة روي أنه كان إذا غضب اشتعلت قلنسوته نارا وقال النووي فإن قلت كيف جاز عليه فقء عين الملك قلت لا يمتنع أن يأذن الله له في هذه اللطمة ويكون ذلك امتحانا للملطوم والله يفعل ما يشاء وقال ابن قتيبة في ( مختلف الحديث ) أذهب موسى E العين التي هي تخييل وتمثيل وليست على حقيقته وعاد ملك الموت إلى حقيقة خلقه الروحاني كما كان لم ينتقص منه شيء .
قوله قال أي رب أي قال موسى E يا رب قوله ثم ماذا وفي رواية ثم مه وهي ما الاستفهامية ولما وقف عليها زاد هاء السكت والمعنى ثم ما يكون بعد ذلك قوله قال ثم الموت أي قال الله تعالى ثم يكون بعد ذلك الموت قوله قال فالآن أي قال موسى E فالآن يكون الموت ولفظ الآن ظرف زمان غير متمكن وهو اسم لزمان الحال وهو الزمان الفاصل بين الماضي والمستقبل وهو يدل على أن موسى عليه السلام لما خيره الله تعالى اختار الموت شوقا إلى لقاء ربه تعالى كما خير نبينا E فقال الرفيق الأعلى قوله فسأل الله أن يدنيه من الأرض المقدسة أي فعند ذلك سأل موسى الله أن يقربه من الأرض المقدسة وهي بيت المقدس وقال ابن التين الأرض المقدسة الشام ومعنى المقدسة المطهرة وكلمة أن مصدرية في محل النصب على المفعولية أي سأل الله تعالى الدنو من بيت المقدس ليدفن فيه دنوا لو رمى رام الحجر من ذلك الموضع الذي هو الآن موضع قبره لوصل إلى بيت المقدس وإنما سأل ذلك لفضل من دفن في الأرض المقدسة من الأنبياء والصالحين فاستحب مجاورتهم في الممات كما في الحياة ولأن الناس يقصدون المواضع الفاضلة ويزورون قبورها ويدعون لأهلها وقال المهلب إنما سأل الدنو منها ليسهل على نفسه ويسقط عنه المشقة التي تكون على من هو بعيد منها وصعوبته عند البعث والحشر فإن قلت لم لم يسأل نفس البيت وسأل الدنو منه قلت خاف أن يكون قبره مشهورا فيفتنن به الناس كما أخبر به الشارع أن اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد قوله رمية بحجر يحتمل أن يكون على قربها دونها قدر رمية حجر أو أدنى من مكاني إلى الأرض المقدسة هذا القدر فإن قلت ما الحكمة في طلبه الدنو من الأرض المقدسة قلت الحكمة في ذلك أن الله لما منع بني إسرائيل من دخول بيت المقدس وتركهم في التيه أربعين سنة إلى أن أفناهم الموت ولم يدخل الأرض المقدسة إلا أولادهم مع يوشع عليه السلام ومات هارون ثم موسى عليهما السلام قبل فتحها ثم إن موسى لما لم يتهيأ له دخولها لغلبة الجبارين عليها ولا يمكن نبشه بعد ذلك لينقل إليها طلب القرب منها لأن ما قارب الشيء أعطي حكمه وقيل إنما طلب الدنو لأن النبي يدفن حيث يموت ولا ينقل قيل فيه نظر لأن موسى قد نقل يوسف عليهما السلام إلى بلد إبراهيم الخليل E قلت وفيه نظر لأن موسى ما نقله إلا بالوحي فكان ذاك مخصوصا به قوله فلو كنت ثم بفتح الثاء المثلثة وهو اسم يشار به ولما عرج النبي رأى موسى قائما يصلي في قبره .
وفي ( المرآة ) اختلفوا في موضع قبر موسى E على أقوال .
أحدها أنه بأرض التيه هو وهارون عليهما الصلاة والسلام ولم يذخل الأرض المقدسة إلا رمية حجر رواه الضحاك عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما وقال لا يعرف قبره ورسول الله أبهم ذلك