وليلة خمس مرات وهذا أيضا عين اليسر الثالث قوله يسر أي ذو يسر وذلك لأن الالتئام بين الموضوع والمحمول شرط وفي مثل هذا لا يكون إلا بالتأويل أو الدين يسر أي عينه على سبيل المبالغة فكأنه لشدة اليسر وكثرته نفس اليسر كما يقال أبو حنيفة فقه لكثرة فقهه كأنه صار عين الفقه ومنه رجل عدل واليسر بضم السين وسكونها نقيض العسر ومعناه التخفيف ثم كون هذا الدين يسرا يجوز أن يكون بالنسبة إلى ذاته ويجوز أن يكون بالنسبة إلى سائر الأديان وهو الظاهر لأن الله تعالى رفع عن هذه الأمة الإصر الذي كان على من قبلهم كعدم جواز الصلاة في المسجد وعدم الطهارة بالتراب وقطع الثوب الذي يصيبه النجاسة وقبول التوبة بقتل أنفسهم ونحو ذلك فإن الله تعالى من لطفه وكرمه رفع هذا عن هذه الأمة رحمة لهم قال الله تعالى وما جعل عليكم في الدين من حرج ( الحج 78 ) فإن قلت ما الألف واللام في الدين قلت للعهد وهو دين الإسلام وقال ابن بطال المراد أن إسم الدين واقع على الأعمال لقوله الدين يسر ثم بين جهة اليسر في الحديث بقوله سددوا وكلها أعمال واليسر اللين والانقياد فالدين الذي يوصف باليسر والشدة إنما هي الأعمال .
وقول النبي أحب الدين إلى الله الحنيفية السمحة .
ف قول مجرور لأنه معطوف على الذي أضيف إليه الباب فالمضاف إليه مجرور والمعطوف عليه كذلك والتقدير باب قول النبي وإنما استعمل هذا في الترجمة لوجهين أحدهما لكونها متقاصرة عن شرطه أخرجه ههنا معلقا ولم يسنده في هذا الكتاب وإنما أخرجه موصولا في كتاب الأدب المفرد والآخر لدلالة معناه على معنى الترجمة وأخرجه أحمدبن حنبل وغيره موصولا من طريق محمد بن إسحاق عن داود بن الحصين عن عكرمة عن ابن عباس Bهما وإسناده حسن وأخرجه الطبراني من حديث عثمان بن أبي عاتكة عن علي بن يزيد عن القاسم عن أبي أمامة بنحوه ومن حديث عفير بن معدان عن سليم بن عامر عنه وكذا أخرجه ابن أبي شيبة في مسنده وطرق هذا عن سبعة من الصحابة Bهم قوله أحب الدين كلام إضافي مبتدأ بمعنى المحبوبة لا بمعنى المحب وخبره قوله الحنيفية والمراد الملة الحنيفية فإن قيل التطابق بين المبتدأ والخبر شرط والمبتدأ ههنا مذكر والخبر مؤنث قلت كأن الحنيفية غلب عليها الإسمية حتى صارت علما أو أن أفعل التفضيل المضاف لقصد الزيادة على من أضيف إليه يجوز فيه الإفراد والمطابقة لمن هو له فإن قلت فيلزم أن تكون الملة دينا وأن تكون سائر الأديان أيضا محبوبا إلى الله تعالى وهما باطلان إذ المفهوم من الملة غير المفهوم من الدين وسائر الأديان منسوخة قلت قال الكرماني اللازم الأول قد يلتزم وأما الثاني فموقوف على تفسير المحبة أو المراد بالدين الطاعة أي أحب الطاعات هي السمحة قلت لا يخلو الألف واللام في الدين أن يكون للجنس أو للعهد فإن كان للجنس فالمعنى أحب الأديان إلى الله الحنيفية والمراد بالأديان الشرائع الماضية قبل أن تبدل وتنسخ وإن كان للعهد فالمعنى أحب الدين المعهود وهودين الإسلام ولكن التقدير أحب خصال الدين وخصال الدين كلها محبوبة ولكن ما كان منها سمحا سهلا فهو أحب إلى الله تعالى ويدل عليه ما رواه أحمد في مسنده بسند صحيح من حديث أعرابي لم يسمع أنه سمع رسول الله يقول خير دينكم أيسره والمراد بالملة الحنيفية الملة الإبراهيمية E مقتبسا من قوله تعالى ملة إبراهيم حنيفا ( البقرة 135 آل عمران 95 النساء 125 الأنعام 161 النحل 123 ) والحنيف عند العرب من كان على ملة إبراهيم E ثم سموا من اختتن وحج البيت حنيفا والحنيف المائل عن الباطل إلى الحق وسمي إبراهيم E حنيفا لأنه مال عن عبادة الأوثان قوله السمحة بالرفع صفة الحنيفية ومعناها السهلة والمسامحة هي المساهلة والملة السمحة التي لا حرج فيها ولا تضييق فيها على الناس وهي ملة الإسلام .
39 - حدثنا ( عبد السلام بن مطهر ) قال حدثنا ( عمر بن علي ) عن ( معن بن محمد الغفاري ) عن ( سعيد بن أبي سعيد المقبري ) عن ( أبي هريرة ) عن النبي قال إن الدين يسر ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه فسددوا وقاربوا وأبشروا واستعينوا بالغدوة والروحة وشيء من الدلجة