ذكر معناه قوله فقرأ بفاتحة الكتاب ليس فيه بيان لموضع القراءة قال شيخنا زين الدين هو مبين في حديث جابر رواه البيهقي من طريق الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن محمد بن عبد الله بن محمد بن عقيل عن جابر بن عبد الله أن النبي كبر على الميت أربعا وقرأ بأم القرآن بعد التكبيرة الأولى قال شيخنا وإسناده ضعيف وقال وإليه ذهب الشافعي وأحمد وإسحاق قوله ليعلموا أنها أي أن قراءة الفاتحة في صلاة الجنازة سنة وفي رواية أبي داود إنها من السنة وفي رواية النسائي وابن خزيمة في ( صحيحه ) بلفظ فأخذت بيده فسألته عن ذلك فقال يا ابن أخي إنه حق وسنة وفي رواية الترمذي إنه من السنة أو من تمام السنة وفي رواية للنسائي بلفظ فقرأ بفاتحة الكتاب وسورة وجهر حتى أسمعنا فلما فرغ أخذت بيده فسألته فقال سنة وحق .
ذكر ما يستفاد منه وهو على وجوه .
الأول أن الترمذي لما روى هذا الحديث قال هذا حديث حسن صحيح ثم قال والعمل على هذا عند بعض أهل العلم من أصحاب النبي وغيرهم يختارون أن يقرأ بفاتحة الكتاب بعد التكبيرة الأولى وهو قول الشافعي وأحمد وإسحاق .
الثاني ما حكاه الترمذي عن الشافعي من أن القراءة بعد التكبيرة الأولى هل هو على سبيل الوجوب أو على سبيل الاستحباب حكى الروياني وغيره عن نص الشافعي أنه لو أخر قراءة الفاتحة إلى التكبيرة الثانية جاز وهذا يدل على أن المراد الاستحباب دون الوجوب وحكى ابن الرفعة والبندنيجي والقاضي حسين وإمام الحرمين والغزالي والمتولي تعين القراءة عقيب التكبيرة الأولى واختلف في المسألة كلام النووي فجزم في ( البيان ) بوجوب قراءتها في التكبيرة الأولى وخالف ذلك في ( الروضة ) فقال إنه يجوز تأخيرها إلى التكبيرة الثانية وقال في ( شرح المهذب ) فإن قرأ الفاتحة بعد تكبيرة أخرى غير الأولى جاز وكذا قال في ( المنهاج ) .
الثالث ليس في حديث ابن عباس صفة القراءة بالنسبة إلى الجهر والإسرار وعند البيهقي من طريق الشافعي عن ابن عيينة عن ابن عجلان عن سعيد بن أبي سعيد قال سمعت ابن عباس يجهر بفاتحة الكتاب في الصلاة على الجنازة ويقول إنما فعلت لتعلموا أنها سنة فقد يستدل به على الجهر بها وهو أحد الوجهين لأصحاب الشافعي فيما إذا كانت الصلاة عليها ليلا قال شيخنا زين الدين والصحيح أنه يسر بها ليلا أيضا وأما النهار فاتفقوا على أنه يسر فيه قال ويجاب عن الحديث بأنه أراد بذلك إعلامهم بما يقرأ ليتعلموا ذلك ولعله جهر ببعضها كما صح في الحديث أن النبي كان يسمعهم الآية أحيانا في صلاة الظهر وكان مراده ليعرفهم السورة التي كان يقرأ بها في الظهر فإن قيل للشافعية لم لم تقرأوا بسورة مع الفاتحة كما في غيرها من الصلوات مع أن في رواية النسائي المذكورة آنفا فقرأ بفاتحة الكتاب وسورة وأجيب عن ذلك بأن البيهقي قال في ( سننه ) إن ذكر السورة فيه غير محفوظ .
الرابع قول الصحابي من السنة حكمه حكم المرفوع على القول الصحيح قاله شيخنا زين الدين وفيه خلاف مشهور .
ووردت أحاديث أخر في قراءة الفاتحة في صلاة الجنازة منها حديث أم شريك رواه ابن ماجه عنها قالت أمرنا رسول الله أن نقرأ على الجنازة بفاتحة الكتاب ومنها حديث أم عفيف النهدية أنها قالت أمرنا النبي أن نقرأ بفاتحة الكتاب على ميتنا رواه أبو نعيم ومنها حديث أبي أمامة بن سهل أنه قال السنة في الصلاة على الجنازة أن يقرأ في التكبيرة الأولى بأم القرآن مخافته ثم يكبر ثلاثا والتسليم عند الأخيرة رواه النسائي وقال النووي في ( الخلاصة ) إن إسناده على شرط الشيخين قال وأبو أمامة هذا صحابي وقال شيخنا زين الدين لم يعقل برؤية النبي فليست له صحبة وقال الذهبي أبو أمامة بن سهل بن حنيف اسمه أسعد سماه رسول الله وحديثه مرسل وروى ابن أبي شيبة عن رجل من همدان أن عبد الله بن مسعود قرأ على جنازة بفاتحة الكتاب وروى أيضا من حديث أبي العريان الحذاء قال صليت خلف الحسن بن علي على جنازة فقلت له كيف صنعت قال قرأت عليها بفاتحة الكتاب وعن ابن أبي عون كان الحسن بن أبي الحسن يقرأ بالفاتحة في كل تكبيرة على الجنازة وقال ابن بطال هذا قول شهر بن حوشب وقال الضحاك أقرأ في التكبيرتين الأوليين بفاتحة الكتاب وكان مكحول يفعل ذلك وعن فضالة مولى